آخر تحديث: 23 / 4 / 2024م - 9:39 م

الفوضى.. الاستجابة

محمد أحمد التاروتي *

نجاح مخططات نشر الفوضى مرهونة، بعوامل خارجية واخرى داخلية، فوجود واحدة دون اخرى، يعرض العديد من مخططات نشر الفوضى للفشل، او النجاح الجزئي، الامر الذي يدفع الجهات الداعمة للفوضى، لمحاولة توفير كافة العناصر لتفادي التعرض لهزيمة كبرى، وبالتالي فان نجاح خطط الفوضى في مجتمعات بشرية، ناجمة عن تكامل العوامل الداخلية والخارجية، نظرا لتكامل الأدوار بين العناصر الداخلية والخارجية، فيما يعود فشل بعض الخطط لافتقار احدى العوامل الرئيسيّة.

الرغبة في نشر الفوضى ليست كافية، في الحصول على النتائج المرجوة، مما يفرض رسوم الخطط بشكل جيد، نظرا لخطورة وحساسية الموقف، فالأخطاء ليست مغتفرة على الاطلاق، بمعنى اخر، فان التحرك الجاد لإشاعة الفوضى في البيئة الاجتماعية، يتطلب الكثير من العمل وبذل المزيد من المال، فالعملية لا تظهر بشكل مفاجئ، بقدر تكون بشكل تدريجي، وغير ظاهر في البداية، عبر بث الشائعات لاحداث حالة من التململ، وزرع النقمة على الأوضاع، بهدف توفير الارضيّة والمناخ الملائم، لاحداث الفوضى العارمة، في مختلف جوانب الحياة، من اجل تعطيل الحركة الطبيعية للمجتمع، ونسف جميع الانجازات السابقة.

الهيمنة العسكرية والسياسية والاقتصادية، ابرز الأدوات للجهات الساعية، لإشاعة الفوضى في المجتمعات، فهناك بعض الاطراف الخارجية تمتلك هذه العناصر مجتمعة، مما يجعلها قادرة على التمدد، بشكل عمودي وأفقي في تلك المجتمعات، وبالتالي القدرة على احداث حالة من الانقسام الداخلي، بحيث تظهر على شكل دعوات غير منضبطة، لاحداث الفوضى العارمة، بمعنى اخر، فان القوى الخارجية تحاول استغلال اوراقها الضاغطة، في توسيع الفجوة في المجتمع الواحد، مما ينعكس على التلاعب في حالة الانسجام الداخلي، الامر الذي يؤسس لمرحلة مختلفة تماما عن المراحل السابقة، وبالتالي تهيئة الظروف النفسية للتشابك الداخلي، والاستعداد للدخول في صراع، والاقتتال بشكل عنيف للغاية.

الاستفادة من القدرات العسكرية، والضغوط الاقتصادية، والتحالفات السياسية، تظهر جليا، من خلال وضع اشتراط صعبة لمساندة احد أطراف الصراع الداخلي، مما يكرس حالة العداء، نظرا لوقوف بعض القوى الخارجية مع أطراف الصراع، الامر الذي يساعد على نشر الفوضى بشكل اكبر، نظرا لعدم رغبة الاطراف الخارجية تطويق الخلاف، وإنما بمحاولة اتساع دائرته بمختلف الممارسات.

فيما تمثل الاستجابة الطوعية لشريحة اجتماعية، لخطط إشاعة الفوضى، أبزر عوامل ترجمة تلك المخططات على الارض، خصوصا وان اختراق الجبهة الداخلية، يمثل ركيزة اساسية في إشاعة الفوضى، الامر الذي يفسر حرص الاطراف الخارجية على استمالة بعض الشرائح، بغرض تنفيذ تلك الاجندات المرسومة، اذ لا يمكن للقوى الخارجية شق الصف الداخلي، بدون أيادي مساندة، ”وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ ۖ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلَّا أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي ۖ فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنفُسَكُم“، بمعنى اخر، فان تحصين الجبهة الداخلية يمثل السلاح الاكثر فعالية، في افشال مساعي نشر الفوضى في المجتمع، وبالتالي فان الوعي باهمية تماسك الصف الداخلي، يشكل احد العناصر لتفويت الفرصة، على الاطراف الخارجية تفتيت المجتمع من الداخل.

كاتب صحفي