آخر تحديث: 24 / 4 / 2024م - 12:20 م

القطاع الخاص وإعادة وزن المعادلة

الدكتور إحسان علي بوحليقة * صحيفة الاقتصادية

القطاع الخاص في حاجة إلى إعادة هيكلة وتموضع، لقد أخرجته الإصلاحات الهيكلية التي تجريها الحكومة من ”مناطق الراحة والدعة والاعتياد“. وكان ذلك ضروريا؛ إذ لم يكن الاستمرار في تقديم الدعم دون تمييز لغني أو فقير خيارا، ولم يكن الاستمرار في دعم منشآت تعاني معضلة انخفاض الإنتاجية خيارا أيضا، باعتمادها على استقدام ملايين من العمالة، وكأننا ما زلنا في عصر ما قبل الآلة البخارية! فماذا نتوقع من اقتصاد يقوم على ريع، ويسعى إلى تنويع اقتصاده غير النفطي من خلال أساليب غير مؤتمتة؟ كيف سيستطيع أن ينافس وإنتاجية العامل شديدة الانخفاض؟ وماذا كنا نتوقع للمستقبل الاقتصادي لقطاعات اقتصادية غير نفطية ترتكز في إنتاجيتها على الدعم والحماية والعمالة الوافدة غير الماهرة؟ وهكذا، لم يكن عدم الزحزحة مما كنا فيه خيارا، لكن إعادة هيكلة منظومة الدعم بمفردها، وعلى الرغم من أهميتها، ما كانت لتكون كافية، بل كان لا بد من محركات للإنتاج. وهذا من ضمن ما جلبته ”رؤية المملكة 2030“ عبر برامجها لتحقيق الرؤية، لتنويع الاقتصاد بكل قطاعاته، من خلال تحسين أداء ما هو قائم، سواء أكان صناعة أم زراعة أم خدمات، أو استحضار القطاعات الضامرة أو الغائبة مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي، مثل الترفيه والسياحة، بل حتى التجارة؛ إذ إن جل القطاعات الاقتصادية تعاني تدني الإنتاجية؛ نتيجة عدم الكفاءة في استخدام المدخلات من جهة، وضياع الفرص الوظيفية والاستثمارية نتيجة للتستر والتوظيف الوهمي من جهة أخرى، كما أن البحبوحة في الاعتماد على العمالة الوافدة بتكلفة منخفضة، أدت إلى جعل اقتصادنا الوطني جاذبا للمنشآت منخفضة الإنتاجية، المعتمدة على كثافة اليد العاملة، وهذا أمر لا يتسق، وغير قابل للاستدامة لأسباب هيكلية، أهمها أننا بلد يعاني شح اليد العاملة، ووفرة في رأس المال، ما يعني بداهة الاتجاه إلى الأنشطة كثيفة رأس المال وقليلة الحاجة إلى العمالة. 

كيف يمكن أن نغير هذا الوضع؟! أم أنه قدرنا الذي علينا ملازمته للأبد؟! ولا ينبغي الاستهانة بسطوة ”مناطق الراحة والدعة“ على توجهات بعضنا، وكأن ليس بالإمكان السعي إلى التغيير لإصلاح الخلل الهيكلي في النموذج الاقتصادي، بل يمكن القول إن هذا هو الشرط السابق لخروجنا من نموذج اقتصادي منخفض الإنتاجية إلى نموذج اقتصادي عالي الإنتاجية، وهذا ”الخروج“ شرط لازم لتحسين قدرتنا على المنافسة، والمنافسة شرط ليس فقط لغزو أسواق خارجية عبر الصادرات، بل كذلك للدفاع عن سوقنا المحلية.

كاتب ومستشار اقتصادي، رئيس مركز جواثا الاستشاري لتطوير الأعمال، عضو سابق في مجلس الشورى