آخر تحديث: 25 / 4 / 2024م - 7:06 م

الجانب الآخر من عالم الأعمال.. ما لا يريدونك أن تراه

عبدالواحد محمد المطر * صحيفة مال الإلكترونية

في عالم الاعمال، القوة والمال اصبحت بيد ملاك الشركات الكبيرة «المدراء التنفيذيون أدوات، الموظفين الآخرون مهمتهم التنفيذ فقط». لتأخذ فكرة بسيطة عن المالك الحقيقي لأغلب المنتجات التي نشتريها وقنوات الإعلام التي نشاهدها، انها في حدود 10 شركات فقط. إحداها شركة منتجات إستهلاكية لها حضور في 190 دولة حول العالم ويشتري منتجاتها 2 مليار عميل. من جانب آخر، تبلغ القيمة السوقية لأكبر 100 شركة في العالم حدود 6 تريليون دولار.

ماذا يمثل لهم العملاء؟ ليس اكثر من مصدر لأرباح بنبغي استغلالها لأقصى حد، مجرد ارقام في ميزانية الشركة يسعون دائما لزيادتها. كيف يتم ذلك؟، صنع منتج/خدمة توفر لك بعض الفائدة والعمل على جعلك مدمن فعليا عليها سواء بعلمك او بدونه ومهما كانت منتجات الأغذية، الادوية، الاكسسوارات، السيارات، الملابس أو غيرها.

عشق التسوق بحد ذاته اصبح صناعات تقف خلفها مراكز أبحاث هدفها الوحيد هو الاستمرار في طرح منتجات جديدة أو معاد تصميمها لغرض واحد فقط، إقناع المستهلكين بحاجتهم لها دوما. ليس ذاك فقط، المستهلكين بشكل عام مستعدين لقبول اَي منتج في العديد من الاحيان اذا تم إقناعهم بذلك من خلال الاعلام والمشاهير ولعل البعض منكم يذكر تجربة متجر بيليس. هل تلاحظون مدى سهولة خداع المستهلك وخصوصا على المدى القصير؟.

مكونات الوجبات التي نأكلها، ألوانها، طرق تقديمها وطعمها من قارورة مشروب غازي الى أي ساندويش وحتى الوجبات الفاخرة، كلها مصممة لتغريك بتجربتها مرة بعد مرة ولايهم ان كان بها مواد تساعد على الإدمان او مضرة بالصحة «الكثير من الشركات الكبرى تساهم في معاهد تفصل لها الابحاث العلمية على مقاسها».

الهاتف الذكي المتنقل، صنع نقلة نوعية كبيرة في تاريخ البشرية واتاح للجميع فرصة استخدامه كمكتب متنقل يستطيع من خلاله التواصل مع العالم بأسره مباشرة، إنجاز أعماله وتعليم/تثقيف نفسه. في المقابل وجدت الشركات فرصة تاريخية لكنز لاينضب من عملاء محتملين جاهزين وليس عليهم الا قطف الثمار اليانعة أمامهم. أوجدت الشركات العادة السنوية بطرح موديل «جديد» حتى لو كانت التغييرات سطحية وبسيطة جدا والهدف زرع الفكرة برأس الناس ان مايملكونه اصبح قديماً وتحتاج لشراء موديل جديد.

من جانب اخر، أتاح وجود الهاتف المتنقل معك طوال الوقت الفرصة للشركات لامكانية الوصول المباشر لمئات الملايين من العملاء حول العالم وبطريقة مباشرة وذلك بزرع للإعلانات في مختلف التطبيقات الهاتفية التي تستخدمها واولها وسائل التواصل الاجتماعي «جرب وانظر بنفسك كم من الوقت تنفقه فيها مقابل اَي نشاط اخر تقوم به؟».

الملابس، تطورت من مجرد خياطة ثياب يلبسها الناس بشكل عام الى صناعة موضة قائمة بذاتها وتتوزع الأدوار بين المصممين ودور الأزياء، العارضين، مجلات الأزياء وبرامج تلفزيونية ومهرجانات للموضة. ولكي يحقق العاملون بها المزيد من الأرباح، خلق المستثمرون هالة كبيرة حول صناعتهم والهدف إقناعك بانك بحاجة للتميز بما تلبس ولن يكون ذلك الا بما يعرضونه عليك. قطع الملابس يختلف سعرها ب 10 أضعاف لمجرد وجود اسم مصمم عليها.

ايجاد مواسم العروض الاولى والتخفيضات لتصريف مابقى من بضاعتهم وجعلك تؤمن ان ملابسك التي تملأ دواليبك قديمة ويجب ان تغيرها. وللتأكيد على افكارهم يستعينون بالممثلين والمطربين وغيرهم من المشاهير لإقناعك بهذه الفكرة «بطريفة غير مباشرة بالطبع» في حين يحصلون هم انفسهم على الملايين مقابل دعاياتهم ولايدفعون قيمة ملابسهم أصلا في اغلب الأحيان.

والاسوا ان التطور التقني أتاح للشركات خلق حسابات وهمية نشطة هدفها دعم إعلاناتها وأخبارها ومنتجاتها واستغلال المشاهير الجدد في مواقع التواصل لدعم التوجه الاستهلاكي للمجتمعات لاستغلالهم لاقصى حد ومن ثم زيادة أرباحهم.

تستطيع قياس ذلك على جميع المنتجات والخدمات التى تراها، مطاعم، ساعات، اجهزة إلكترونية وجهات سياحية وسيارات وغيرها والهدف اولا وأخيرا انت كعميل. تطور التقنية، نمو حجم الشركات وتوسع نشاطها وقساوة المنافسة، كلها عوامل ساهمت في تعاظم قوة الشركات وفتح المجال أمامها لاستغلال حتى الانظمة الحكومية، المسئولين وأعضاء مجالس البرلمان حول العالم لتمرير صفقاتها ولي القوانين لزيادة ارباحها والتغاضي عن تجاوزاتها.

عندما تجد منتجا او خدمة مجانية مهما كانت، فتأكد دائما انك انت السلعة ولهذا تسعى مواقع لتواصل الاجتماعي وقبلها التلفزيونات والمجلات على الحصول على اكبر عدد ممكن من المتابعين كي يستطيعوا المطالبة بسعر أعلى لإعلاناتهم وذلك بالطبع يشمل الحسابات الشخصية «بلغت عائدات شركة فيسبوك من الإعلانات العام الجاري 55 مليار دولار تقريبا».

ولكي يزيدو حصصهم السوقية، يعمدون الى محاربة/تحجيم أي منافس صغير جديد. عالم الأعمال اليوم أصبح ساحة حرب بالنسبة للشركات الكبيرة حيث يزداد نفوذها والذي مكنها من إيجاد حلول قانونية باستغلال الثغرات للتهرب من الضرائب والتغلب على قوانين منع الإحتكار وبالتالي ابقاء الوضع كما هو عليه.

الحكاية طويلة ومتشعبة وحلها يحتاج بحوثا مطولة وقرارات صعبة. لكن في المقابل الوعي قد يمكننا على الأقل، من تخفيف أثرها في التحكم بسلوكنا الإستهلاكي.