آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 7:41 م

ورقة من دفتر مذكراتي

زهراء البناي

كلمة... كلمات.. غيرت مجرى حياتي.... ممكن!!

إنه صباح الجمعة 1992/4/6

انا الآن عند شاطئ نصف القمر... أتنفس بعمق إشراقة نهار لسماء صافيه وهدير البحر يعزف ألحاناً تأخذني الى أعماقه....

أسبح وأسبح بذاكرتي إلى أعماق تتألم هناك....

إنها كلمه... كلمات..

بللت مخدتي ليالٍ طويله.. عاشت بداخلي شظايا... وحفرت بداخلي الكثير..

فكانت آخر سجدة من كل صلاة كبسولة مهدئه تخفف من عمق كلمة جارحه سرقت مني ابتسامة عفويه لمن حولي...

مرت سنوات التقيت بها مجددا، صافحتني بحراره، أومأت لها برأسي شكراً...

أمسكت ذراعي بقوه وسحبتني جانباً لتقول: آسفه

بابتسامه بارده صافحتها لابأس انتهى كل شيء وذهب مع رياح سنوات مضت..

استرسلت معها الحديث بلا مبالاة، وقلبي يحاكيها: لا مكان لكِ الآن... شكراً فزهراء اليوم ليست زهراء الأمس..

أتذكر كتاباً قرأته ”الرجل الذي طوّق أعناق النساء ميكوموتو“

للمؤلف الفرنسي جاك ليفر... ميكوموتو هي جزيرة في اليابان تحمل اسم الرجل الذي اخترع اللؤلؤ الصناعي أو ”اللؤلؤ المزروع“

هذا الرجل يعلم أن حيوان اللؤلؤ يحتاج سنوات لكي يفرز حبة كاملة الاستدارة، فكر هذا الرجل كيف يساعد هذا الحيوان لإنتاج هذه الحبه وفي مدّه أقصر، فوضع حبه صغيره داخل جسم هذا الحيوان الذي حاول أن يعزل هذه الحبه عن بقية جسمه فيقوم بفرز سائلاً لامعاً هو الذي يكون حبه اللؤلؤ في وقت قصير،

نعم أنا اليوم هذا الفنان والكائن الصغير الذي يعيش في قاع البحر وبالقرب من الشاطئ وفجأة يتسلل شيئاً الى جسمه هذا الشيء ممكن أن يكون ذرة رمل أو كائن ميكروبي وهذا الشيء الضئيل جداً يؤلمه يوجعه فيهرب بعيداً ويظل يأن في باطن الأعماق ليعزله بمادة يفرزها لتتكون هذه اللؤلؤة باهظة الثمن من زفير وجع هذا الكائن.

هو فنان انطوى على جرحه وعلى وجيعته وهذا العمل الفني الرائع قد عزله من الموت الذي يهدده وعاش حياته في حبة لامعه لا يعرف أين يذهب حتى يتم نزع هذه اللؤلؤة الصناعية منه.

وهذا المؤلف أشار في كتابه الى اعتراف ميكوموتو بسر تعلمه لصناعة اللؤلؤ الصناعي من حياة الرهبان، وعزلتهم في صومعة وحياة قاسيه جافه ليخرجوا بعدها بأرق وأجمل القصائد الروحانية الشعرية.

آسفه... كلمه لا قيمة لها الان...

آسفه... أيتها الكلمة قفي من أنتِ..

آسفه... كلمة لا تعيد الحياة...

آسفه... كلمة كباقة ورد على قبر الفنانة الشهيدة!

لو عرف الذين يتكلمون كيف تقع كلماتهم في نفوس الآخرين لارتجفت شفاههم وترددوا قبل أن يتفوهوا بكلمه...

ولعرفوا كيف لكلماتهم أن تكون أحجاراً سقطت في ماء ساكن فهزته ثم سكن... أو كانت سموماً جاءت بعدها النهاية...

إنها الكلمة أو الكلمات..

التوراة بدأت بهذه الآية: في البدء كانت الكلمة وكانت الكلمة هي الله جل جلاله.... والقرآن يقول ﴿كن فيكون وبكلمات تامات بنيت سبع سموات وسبع أرضين.

وفي تاريخ السحرة القديم تجد الساحر يستخدم كلمات لها قوة الأشياء المادية لها الحديد والنار وشياطينهم الغوية.

وفي عالم الحب هو أيضاً عالم السحر فكل ما في الحب يبدأ وينتهي بكلمه...

كلمه واحده ممكن أن تكون بقوة كن أو عظمة عبارة فيكون... فكان ما يكون بكلمه!!

هنا عند ضفافك أيها البحر... هنا حيث الأعماق...

هنا نبي الله يونس توسد ظلمة بطن الحوت أعواماً طويله عاش في صومعة في هذه الأعماق ليخرج بعدها بصفاء نفس تقيه قريبه من معاني الحقيقة ومن الله عز وجل... وبقوة إيمانية ذائبة إيماناً تغير الأشياء ولسان مؤثر يغرد بمعاني الروح او الفطرة التي فطر الله الناس عليها ليؤثر على الناس ويبسط رداء الدعوة لله عز وجل..

أنا اليوم أقول: شكراً لكِ أيتها الكلمات!!

مؤلمه، موجعه... أنتِ

ولكنكِ لم تنالي مني كُنتِ ميلاداً لزهراء مختلفة.

فموسيقى أشعاري اليوم تعزفُ لحناً جديداً!!

زهراء بمدارك أوسع وقلباً يمطر من سماءً واسعه رضاً واطمئناناً بوجوده بقربي دائماً أباً وصديقاً ورفيقاً ومفتاح أموري كلها باحتسابه في خطواتي والتوكل عليه ومناجاتي كل صباح سيدي ثبت خطاي على دربك واغمر روحي بنشوة رضاك وحلاوة قربك.