آخر تحديث: 20 / 4 / 2024م - 3:27 م

الانهزامية.. المناكفة

محمد أحمد التاروتي *

يحاول البعض التوازي خلف الانهزامية الذاتية، بالسير بعكس التيار الاجتماعي، فالعملية ليست مرتبطة قناعات شخصية، بقدر ما تنطلق من الانتقام، او محاولة لفت الانتباه، انطلاقا من قاعدة ”خالف تعرف“، الامر الذي يتمثل في اتخاذ مواقف صادمة، واحيانا ليست مألوفة او معتادة، على الصعيد الاجتماعي، وبالتالي فان المواقف الشاذة وغير المنسجمة مع التفكير العقلاني، تدخل حالة من الرضا لدى فريق الانهزامية، كونها تفسر بمثابة انتصار كبير، لاسيما وان موجة الغضب والانتقاد، تدفع باتجاه المزيد من المواقف الصادمة، باعتبارها الوسيلة الوحيدة للشعور بالنشوة، والتغلب على الانهزامية الذاتية.

حالة البؤس والفقر المدقع، ليست سببا دافعا لممارسة المواقف الصادمة، بيد انها احدى العوامل المحركة، باتجاه الانتقام من البيئة الاجتماعية، فهذه الشريحة تحاول التغلب على الماضي البائس، باتخاذ خطوات جريئة، وغير متوقعة على الاطلاق، باعتبارها الطريقة المناسبة للتعبير عن الحنق من المجتمع، فتارة عبر ادارة الظهر للبيئة الاجتماعية بشكل كامل، واخرى بتقمص شخصية خيالية، لا تمت للواقع والحقيقية، بشيء على الاطلاق، وبالتالي فان دراسة المواقف الصادرة من تلك الشريحة الاجتماعية، تكشف الحالة الانهزامية التي تعيشها، مما يدفعها لانتهاج سلوك شاذة للغاية.

التركيز على التحولات الجديدة، ورفض الماضي بشكل كلي، احدى الممارسات المتعددة التي يعتمدها الانهراميون، في التعامل مع البيئة الاجتماعية، فالظهور بمظهر المنتصر يولد حالة من الرضا الذاتي، الامر الذي يتمثل في استغلال المنابر الاعلامية، بشكل فج ومزعج للغاية، بهدف رسم صورة مغايرة للصورة المرسومة، في مخيلة المجتمع، خصوصا وان الشريحة الانهزامية تشعر بحالة من الاحراج، واحيانا بحالة من التقزز، بمجرد استعادة شريط الذاكرة، كون التاريخ الماضي يحمل الكثير من المرارة والبؤس، مما انعكس على التركيبة النفسية، وبالتالي زرع حالة من الانفصام الذاتي مع المجتمع.

المناكفة في اتخاذ المواقف من الفريق الانهزامي، يشكل الشعار المرفوع على الدوام، حيث يتجلى في مجمل تحركات الفريق الانهزامي، لاسيما وان فقدان القدرة على الانسجام مع المجتمع، يدفع باتجاه هذا المسلك، فالفريق الانهزامي يشعر بوجود حاجز كبير مع البيئة الاجتماعية، الامر الذي يحرمه من القدرة على التفاعل الايجابي، مع القضايا الاجتماعية، بمعنى اخر، فان المواقف الصادمة مرتبطة بالانهزامية الذاتية، وكذلك ناجمة عن الشعور الرفض الاجتماعي، مما يولد حالة من الكراهية تجاه البيئة الاجتماعية، بحيث تتجلى في العديد من المواقف غير المتوقعة.

محاولة الانتقام من المجتمع عبر اتخاذ مواقف صادمة، سلاح ذو حدين ويحمل في طياته العديد من المخاطر، لاسيما وان هذه السياسة ستواجه بمزيد من ردود الافعال، سواء من المحيط القريب او البعيد، مما يجعل محاولات الانتقام عملية غير مضمونة النتائج، وبالتالي فان خطر السقوط سيكون واردا بين لحظة واخرى، بالاضافة لذلك، فان المواقف الصادمة لا تنم عن حكمة، وقدرة الإحاطة بالامور، بحيث تكون متسرعة واحيانا تكشف حالة من الغباء، خصوصا وان تبني مواقف لا تمت للواقع الاجتماعي بصلة، يكشف ضحالة التفكير، ويفضح الاهداف الحقيقية وراء انتهاج هذه السياسة، وبالتالي فان المناكفة ليست الوسيلة المناسبة، لتسجيل نقاط في المعركة مع المجتمع، فهناك التعاطي الايجابي القادر على احداث اختراق حقيقي في جسم المجتمع، مما ينعكس على الانخراط مجددا في البيئة الاجتماعية، بعيدا عن سياسة الانتقام، ومحاولة تغطية الانهزامية بطريقة خاطئة.

كاتب صحفي