آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 11:37 ص

الفاضي.. الواعي

محمد أحمد التاروتي *

يتوارى البعض خلف جدار سميك، لتغطية الفراغ الداخلي، والافتقار للوعي اللازم، للتعاطي مع القضايا والازمات الاجتماعية، بحيث يكون الركن الوثيق اداة للانتشال من مأزق الوعي الذاتي، فالحصول على الجدار القوي يساعده على الدخول، في مناوشات، ومعارك جانبية، واحيانا خارجية، نظرا لإدراكه بوجود طرف قوي قادر، على التدخل ”السريع“ عند الحاجة الماسة.

سياسة التدخل في القضايا الكبرى، دون الوقوف على الجوانب الظاهرية، فضلا عن الامور الخفية، تعكس مستوى الخواء الداخلي او ”الفضاوة“، اذ يعتمد فريق الفضاوة على مبدأ ”يهرف بما لا يعرف“، بحيث يتجلى ذلك في الدخول بطريقة فجة، واستفزازية في معالجة بعض القضايا الشائكة، مما يعكس انعدام الوعي ويكشف ضحالة التفكير، خصوصا وان طريقة الطرح تعطي انطباعا سلبيا، وعدم قدرة على القراءة الدقيقة، وبالتالي فان التصفيق المؤقت لا يكشف الإدراك الواعي لأسلوب المعالجة، بقدر ما يحمل في طياته ضحالة الوعي لدى الطرف المصفق.

عملية الاستناد على الاخر، ليست ذات جدوى على الاطلاق، نظرا للمخاطر المترتبة على وضع البيض في سلة واحدة، خصوصا وان المبادئ الاخلاقية في التحالفات السياسية معدومة، وغير واردة على الاطلاق، مما يستدعي التريث وعدم التسرع، في وضع الاوراق لدى طرف واحد، فتحول الحليف للطرف الاخر يمثل النهاية للطرف الاول، ويتركه مكشوفا لتلقي الضربات، والسقوط السريع، بمجرد نشوب معركة جديدة، نتيجة انكشافه امام الرأي العام، وافتقاره للقدرة على رؤية الامور، بالشكل السليم.

الفضاوة مرض اجتماعي خطير، فهو يخلق الكثير من المشاكل على الصعيد الفردي والجماعي، لاسيما وان فقدان الوعي يحدث أزمات كبرى، ويساعد على اثارة الخلافات الداخلية، نظرا لافتقار فريق الفضاوة للآليات اللازمة، للتحرك وفق اُسلوب توفيقي واصلاحي، فهذا الفريق يتحرك على مبدأ ”البركة“، دون تخطيط مسبق، ودون دراية كاملة بالطريقة الفضلى للمعالجة، وبالتالي فان فريق الفضاوة يمارس سياسة ”أراد يكحلها عماها“، مما يوسع الشقة ويعمق الجراحات في جسد المجتمع.

الفضاوة تتمظهر في الكثير من الممارسات اليومية، فهي لا تقتصر على اعمال محددة، ومجتمع واحد، فهناك العديد من الاعمال تصنف في مضمار ”الفضاوة“، وبالتالي فان فريق الفضاوة لا يقتصر على شريحة اجتماعية، بل تشمل الكثير من الفئات الاجتماعية، بمعنى اخر، فان الفضاوة ثوب فضفاض قادر على استيعاب حملة القلم، وبعض الفئات ذات التعليم العالي، كما انها تشمل الفئات الأقل تعليما، خصوصا وان الفضاوة ترتكز على الوعي بالدرجة الاولى، والقدرة على التحرك وفق منهجية واضحة، مما يسهم في تقليل الاثار السلبية الناجمة، عن التدخل المباشر في أتون المعارك على اختلافها.

الوعي يشكل الرافعة الطبيعية، للتخلص من مرض الفضاوة، فهناك الكثير من الفئات تعاني من المرض، ولكنها لا تدرك خطورته على الصعيد الشخصي او الاجتماعي، نظرا لانعدام الوعي اللازم لديها، بضرورة وضع الامور في النصاب الصحيح، قبل الانخراط في المعارك، او الازمات الداخلية والخارجية، فهي تتحرك وفق قناعات خاطئة، ولكنها تجهل التداعيات الخطيرة، لمواصلة المشوار وفق الالية المستخدمة، ”وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا“.

كاتب صحفي