آخر تحديث: 23 / 4 / 2024م - 7:29 م

«وسط العوامية».. علاج التطرف بالتنمية!

حسن المصطفى * صحيفة الرياض

يشكل مشروع تطوير وسط العوامية، طريقة مختلفة في معالجة مشكلات العنف والإرهاب، لا تقتصر على الحل الأمني أو تتبع المجموعات المسلحة والخلايا النائمة فقط، وإنما عبر التنمية الاجتماعية والاقتصادية، وأثر المكان وجمالياته على تفكير الناس ومزاجهم العام. بحيث يخلق بيئة إيجابية صحية، تكون مساحة ومتنفساً اجتماعياً وثقافياً للمواطنين. فتوفير الخدمات والمشروعات التنموية، والمراكز التي تقام فيها الأنشطة الثقافية والفنية، من شأنه أن يخفف من حدة التوترات، ويجعل الفكر المتشدد معزولاً.

وسط العوامية، أو ما كان يعرف سابقاً بـ «المسورة» ، تحول من مجموعة منازل قديمة جداً، استخدمها الإرهابيون في مرحلة سابقة، كأماكن للاختباء والتجمع والتخطيط وتخزين السلاح، إلى منطقة حيوية، من شأن الأنشطة التجارية فيها أن تشهد دورة عمل جديدة، تساعد على ازدهار المشروعات الأهلية والفردية الصغيرة، بعد أن تأثرت المنطقة بالمواجهات بين الإرهابيين ورجال الأمن. وعودة الحياة الطبيعية، والنشاط البشري والاقتصادي إلى المنطقة، سينعكس بشكل إيجابي على عموم السكان، ويعطي إشارة واضحة على بداية مرحلة جديدة، عنوانها التنمية والأمن والاستقرار، وخلق دورة تجارية واجتماعية مختلفة، تصب في مصلحة سكان المنطقة بدرجة أولى.

العمل المشترك بين إمارة المنطقة الشرقية، وأمانتها، وجهاز أمن الدولة، والمجتمع المدني والأهالي، كل ذلك ساهم في عزل «المتطرفين». وهذا العمل الجماعي انعكس على شكل المعمار، طراز البناء، وروح المكان، الذي من المفترض أن يشهد فعاليات ثقافية، ستساهم في دعم الحركة الفكرية بين أبناء العوامية، التي تحتوي بدورها على عدد من الشعراء والمأرخين والكتاب، الذين لا يقتصر إنتاجهم على الموضوعات المحلية، بل لديهم إصدارات مكتوبة وتجارب أدبية، ترفد الحركة الثقافية في عموم المملكة.

المقاربة الجديدة التي اتبعها جهاز «أمن الدولة» من شأنها أن تساهم في الحد من العنف الذي شهدته المنطقة الشرقية في سنوات مضت، وأن تسهم بالتعاون مع المجتمع المدني في خلق فرص تساعد على أن يسلم بقية المطلوبين من حملة السلاح أنفسهم إلى الجهات القضائية، لكي يتم غلق الملف بشكل كامل.

وفي هذا الصدد، هناك المبادرة التي طرحها أمير المنطقة الشرقية الأمير سعود بن نايف، قبل أشهر خلت، ونجحت حينها في تشجيع بعض المطلوبين على تسليم أنفسهم، وتجنب إراقة الدماء. ومن المهم إعادة تفعيل المبادرة بآليات جديدة، تحولها إلى مشروع عملي قابل للتطبيق بشكل أوسع، يلمس الأهالي نتائجه، ويشجع المختبئين على تسليم أنفسهم، عبر تقديم ما يمكن تسميته «حزمة مشجعات»، يحظى بها من يقطع صلاته بالعنف، وينوي بدء مرحلة جديدة من حياته، بحيث يعامل نظامياً بشكل مختلف وأكثر مرونة من غيره ممن يرفضون تسليم أنفسهم.

هنالك ارتياح عام بين الأهالي، أعقب افتتاح مشروع وسط العوامية، وهي الأجواء الإيجابية التي يجب استثمارها في تقديم مبادرات تستثمر ذلك في تعزيز الفكر المعتدل، والخطاب الوطني العقلاني، لتعود العوامية مدينة ملؤها العنفوان والنشاط، وأفضل مما كانت.