آخر تحديث: 25 / 4 / 2024م - 1:22 م

كسر العظم

محمد أحمد التاروتي *

حرب الإرادات تدخل في مختلف مناحي الحياة، فالتحرك الجاد لاحتلال مواقع متقدمة، يتطلب الكثير من الجلد، والقدرة على التحمل، من اجل الحصول على النتائج المرجوة، لاسيما وان رفع الراية البيضاء يجر معه الخيبة والخذلان، مما يستوجب الحرص الدائم على ترويض النفس على تحمل الصعاب، ومقاومة مختلف اشكال الضعف والاستسلام.

التمسك بالارادة الصلبة خطوة اساسية، في مختلف اشكال النزالات بالحياة، خصوصا وان المدة الزمنية للمعارك تختلف باختلاف الظروف، فضلا عن اختلاف الخصوم في الصراعات الحياتية، الامر الذي يستوجب توطين النفس على جميع اشكال الصراعات، بهدف تحقيق الانتصار، ومحاولة اجبار الخصم على رفع الراية البيضاء، لاسيما وان احساس الخصم بقوة الارادة تدفعه لاختيار طريق الاستسلام، عوضا من مواصلة المعركة حتى النهاية، وبالتالي فان إيصال رسالة المقاومة الصلبة للخصم، عملية ضرورية لحسم النتيجة بشكل سريع.

تحقيق الانتصار الخاطف يستدعي امتلاك العناصر، والأسلحة اللازمة للصمود حتى النهاية، فالدخول في الصراعات دون توفير متطلبات الفوز بمثابة انتحار، وإعطاء الخصم الفرصة السانحة لتحقيق الانتصار، وبالتالي فان المعارك تتطلب الإعداد المناسب قبل اتخاذ قرار الاشتباك المباشر، خصوصا وان ظروف الصراعات تختلف باختلاف الاسباب، والتوقيت، والاطراف المشتركة فيها، مما يستدعي تطويع تلك العناصر، والاستفادة منها للحصول على النتائج الايجابية، بمعنى اخر، فان الأسلوب المستخدم في المعركة يأخذ في اعتباره نقاط القوة، والضعف لدى الخصم، من اجل الاستفادة من نقاط الضعف، ومحاولة ايجاد طرق لتدمير نقاط القوة، مما يمهد الطريق للفوز في نهاية المطاف.

الاشتباك العشوائي في الصراعات على اختلافها، يترك تداعيات غير حميدة في المحصلة النهائية، خصوصا وان الرغبة في الانتصار ليست كافية، للحصول على النتيجة المرجوة، فالطرف المقابل يتحرك وفق حسابات دقيقة، وخطوات محسوبة سلفا، مما يمكنه من الحصول على النقاط اللازمة لتحقيق النصر، وإلحاق الهزيمة في وقت قياسي، بينما تكون المعركة اكثر صعوبة مع التخطيط المسبق، والدراسة المتأنية للخصم من جميع الجوانب، الامر الذي يسهم في امتلاك الاوراق القادرة على توظيف المعركة، وتوفيت الفرصة على الخصم لتحقيق الانتصار.

سياسة كسر العظم تقوم على التحمل حتى النفس الاخير، ورفض مختلف اشكال الاستسلام، مما يدخل اليأس لدى الخصم، بحيث يترجم على شكل تقديم بعض التنازلات، من اجل الحفاظ على ماء الوجه من جهة، وعدم الاستسلام الكامل من جهة اخرى، ”نصف انتصار ونصف هزيمة“، مما يولد حالة من الالتباس، وعدم وضوح الرؤية، بشأن مصير المعركة، بمعنى اخر، فان سياسة كسر العظم تكون ضرورة لاحداث تغييرات جوهرية في الصراعات المصيرية، خصوصا وان التراخي او الضعف يترك جروحا عميقة يصعب التئامها بسرعة، الامر الذي يستدعي انتهاج هذه الطريقة للحصول على المكاسب، واجبار الطرف المقابل على تقديم المزيد من التنازلات، نظرا لإدراكه بصعوبة تحقيق الانتصار مع وجود إرادة قوية، قادرة على تحمل المزيد من الويلات، والجراحات في المعركة القائمة.

كاتب صحفي