آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 12:38 ص

ضياع طفل.. والسبب؟

عبدالله الحجي *

وجدي طالب في المرحلة الابتدائية تعاني منه إدارة المدرسة والمعلمون والطلاب بسبب سوء سلوكه ومواظبته. الشكوى تلو الشكوى من الطلاب وأولياء أمورهم لما يتعرض له الطلاب من ضرب وألفاظ لاتليق بالمكان الذي يجمعهم.

كل صف لايكفيه سنة واحدة ولابد من الإعادة حتى أصبح يكبر أقرانه في كل فصل وصار متسلطا عليهم وترك إدارة المدرسة في حيرة بين العقاب والتعاطف.

خارج المدرسة التم على أصدقاء السوء الذين يتبادل معهم السلوك السيء ويكسب منهم الأخلاق الذميمة والصفات المنبوذة..

عجبا وأين والديه وأين أهله عنه لتقويم سلوكه والعناية به قبل أن يصل إلى ماوصل إليه؟ أم أنه فقد أباه وأمه ولا يوجد من يرعاه ويهتم بتربيته؟

كلا.. والداه لازالا على قيد الحياة موجودين وغير موجودين في حياته!

وجدي هو وحيد والديه الذين استسلما للخلافات الزوجية في مرحلة مبكرة من حياتهما وقررا الانفصال عن بعضهما.

وجدي كان آخر من يخطر على بالهما وكيف ستكون حياته تحت سقف لايجمع أعز من في الوجود على قلبه محروما من العطف والحنان والرعاية.

بعد الانفصال أخذ والده يبحث عن زوجة أخرى تعوضه السعادة التي لم يجدها مع والدته.

لم يمكث طويلا حتى وجد شريكة حياته فكان شرطها الأول أنها لن تكون مسؤولة عن تربية ابنه ولاتريده أن يكون معها في بيتها. فما كان من الزوج إلا قبول ذلك الشرط في سبيل تحقيق سعادته وسعادتها.

تكفلت الأم بابنها ولم تمكث طويلا حتى تقدم لها من وافقت عليه لتكمل هي الأخرى مشوار حياتها معه باحثة عن السعادة التي افتقدتها في زواجها الأول.

قبل زوجها على مضض بقاء وجدي بينهما من أجل سواد عيني والدته.

كان ينظر لوجدي أنه ابن ذلك الرجل الغريب فلم يكترث برعايته وتربيته والاهتمام بشؤون حياته.

وجد وجدي نفسه في متسع من الحرية وانعدام الرقابة من والده ووالدته الذين وجدا من يجلب لهما السعادة والمودة فلم يكترثا كثيرا بوجدي الذي أصبح ضحية لهما فاقدا العطف والحنان والرعاية والاهتمام. شق وجدي طريقا رسمه بنفسه بعد تجربة مريرة في بيئة قست عليه وقلوب تخلت عنه كان همها مصلحتها في الدرجة الأولى، وقد كان يؤمل أن يكون كباقي زملائه الذين يرفلون في بيئة تغدق عليهم عطفا وحنانا ويتخرج من مرحلة إلى أخرى بتميز، ويشق طريق حياته العملية، ويتزوج ويسعد بتربية أبنائه. كان حلما يراوده فهل سيبقى يعيش هذا الحلم أم أنه سيتخذ موقفا سلبيا من الإقبال على الزواج خوفا من تكرار المأساة مع أبنائه كما عاشها مع والديه؟

خلافات تركت أثرا سلبيا على حياة وجدي وجرفته عن الطريق السوي ليحتضنه أصدقاء السوء ويتخلق بأخلاقهم ويتأثر بسلوكهم وتصرفاتهم. وجدي هو أحد ضحايا الخلافات الأسرية التي تنتهي بالانفصال وينحو كل من الوالدين بأنانية ومكابرة منحى متعنتا ليعاقب الطرف الآخر يستخدم الأبناء فيه سلاحا للضغط أما بالتخلي عنهم أو الحرمان.

اختلاف الزوجين أمر طبيعي وكل له قناعاته وثقافاته وأفكاره ومهما تكن الخلافات فالحلول كثيرة تتطلب التكاتف والتفاهم والتغافل والحوار قبل أن تتأزم الأمور وينتهي الأمر بالانفصال الجسدي أو العاطفي ويكون ضحيته الأبناء... حينها لاينفع الندم بعد الضياع.