آخر تحديث: 23 / 4 / 2024م - 9:39 م

الاستقطاب.. الاستفزاز

محمد أحمد التاروتي *

التحرك الصادق للاستقطاب مرتبط باختيار الأساليب المناسبة، بالاضافة لانتقاء الخطاب والمفردات المناسبة، فضلا عن دراسة التوقيت الملائم والمقبول، من اجل ضمان انسيابية الامور بشكل طبيعي، وتفادي ظهور المعارضة، او التحفظ من مختلف الاطراف، لاسيما وان الاستفراد بالقرار وتغافل الاستعانة باصحاب الرأي، والحكماء يدفع الامور بالاتجاه المعاكس، الامر الذي يخلف بعض التشوهات غير السارة، سواء على المدى القصير او المتوسط، مما يفقد تلك المساعي من محتواها، ويظهرها بالشكل المشوهه وغير الملائم.

التعرف على التوجهات، ومحاولة التماهي مع الجو العام، عملية ضرورية للحصول على النتائج المرجوة، فالعملية مرتبطة بالانسجام وليست بالاصطدام او الاجبار، وبالتالي فان دراسة التفكير الاجتماعي للاطراف الاخرى، يشكل حالة ايجابية لامتصاص ردات الفعل، او عدم السعي للوقوف في وجه المساعي الصادقة للاستقطاب، مما حالة من التفاعل الايجابي، خصوصا وان الرؤية المشوشة والمتلبسة، لا تخدم التحركات الصادقة، بقدر ما تترك تداعيات سلبية لدى الاطراف الاخرى، مما يستوجب وضع هذه الامور في الاعتبار، نظرا لما تمثله من أهمية في الاختراق الاجتماعي في جميع الاوقات.

عملية القهر والاجبار تولد ردات فعل معاكسة، وغير متوقعة على الاطلاق، لاسيما وان التفكير الاجتماعي يقول كلمته في النهاية، مما يجعل الامور في مهب الريح، نظرا لقدرة الضغوط الاجتماعية على عرقلة العديد من التحركات، ذات العلاقة المباشرة ببعض الثوابت السائدة، مما يدفع باتجاه التحريض على افشال تلك التحركات غير المرغوبة، او المرفوضة، نظرا لتعارضها مع السائد الاجتماعي، المسيطر على الجو العام.

النوايا الصادقة ليست كافية لاحداث اختراق في التفكير الاجتماعي العام، فالعملية مرتبطة بعوامل دينية ونفسية بالدرجة الاولى، مما يستدعي ايجاد قواسم مشتركة للتغلب على هذه التحديات، بهدف تبديد المخاوف، وايجاد حالة من الانسجام، بين المساعي الهادفة للاستقطاب، والتشكيك المرتبط بالأغراض الحقيقية، خصوصا وان التحولات السريعة في التفكير تدعو للقلق وعدم الاطمئنان، وبالتالي فان سرعة التحركات المتعلقة بالاستقطاب تدفع باتجاه التشكيك، وعدم الركون للأهداف المعلنة، لمحاولة التقريب غير المعهودة على الاطلاق.

محاولة جس النبض خطوة اساسية، للتعرف على منهجية التفكير، لدى الطرف المقابل، لاسيما وان خطوات الاستقطاب مرهونة بالقدرة، على القراءة الدقيقة لاتجاهات المجتمع، فالدخول في مشاريع الاستقطاب دون امتلاك المعلومات اللازمة يقود الى الفشل، بينما التعرف على التفكير الاجتماعي يؤدي الى نتائج ايجابية، خصوصا وان التصادم المباشر، يسهم في القضاء على التحركات الصادقة في مهدها، فيما محاولات جس النبض تساعد على ايجاد الطرق المناسبة، وغير الاستفزازية للمجتمع، الامر الذي يسهم في احداث تحولات جوهرية في التفكير الاجتماعي، تجاه الخطوات التصالحية، او الاستقطابية الصادرة من احد الاطراف.

الاستفزاز يدفع باتجاه تشديد المواقف، واتخاذ جانب المعارضة، وعدم الاستجابة السريعة، فالمجتمع سيواجه الخطوات الاستفزازية، بمواقف لا تصب باتجاه ترطيب الاجواء، مما يوسع الفجوة بين الطرفين، وبالتالي ضياع جميع الجهود المبذولة، لايجاد نقاط مشتركة، بحيث تظهر على شكل تحركات مضادة، وغير متوقعة على الاطلاق، مما يولد حالة من الفراق والتباعد مجددا، نتيجة المواقف الاستفزازية، وغير المدروسة بشكل معمق، نظرا لاختلاف مستوى التفكير لدى الطرفين.

كاتب صحفي