آخر تحديث: 16 / 4 / 2024م - 9:58 ص

السلالم والثعابين - 1

المهندس هلال حسن الوحيد *

بُنيَّ عندما تعثر تألَّم، أبكِ قليلاً ثم قم، إنَّ الجروحَ يشفيها البكاء، بنيَّ أن لم تقم رمتك الحياةُ مزيداً من الحجارة، قم انفض الغبارَ واكتب على الجِدارة: غاراتُ الموتِ تهدم الحجرْ وتحرق الشجرْ وتقتل البشرْ، لكنها لا تقتل الإنسان، نحن من يصنعُ الحياةَ والحضارةْ، نحن من يستحقها في جَدارة.

كنت في زيارةٍ لأسباطي كانوا فيها معلمينَ لي، أنا من علمهم وسريعاً تغير الزمنُ والتقنيةُ المعرفية والقيميةُ على الكبيرِ مثلي، فكان ابن الثانية عشر من يرشدني كيف يعمل هذا وكيف يعمل ذاك. كم دارت الحياةُ سريعاً بعد أن كنتُ أمسك بأيديهم، أعلمهم كيف يمشوا وكيف الأشياءُ من حولهم تعمل. صغاراً كنت مزهواً بهم كلما أمسكتُ بيدهم الضعيفة في يديَ القوية حتى أنني لو كسرتها انكسرت. الآنَ هم من يمشون بزهوٍ ممسكينَ يدي الضعيفة، وفي قرارةِ النفسِ أن نهاياتِ المتغيراتِ حتماً تلتقي، ”لا بد أن نمشي ونلهو كطفلينِ معاً“.

بنيَّ: سوف أعلمك حكمتينِ في الحياة: الأولى أن لوحةَ الحياة فيها سلالمٌ قليلة وثعابين كثيرة، ونحن النرد الذي ترمينا السنينُ فوق اللوحة، ثم ترفعنا السلالم كيفما رقمُ النردِ جاء، لكن حذارِ أن يدفعك سلم الحياةِ إلى أفواهِ الثعابين فتموتَ أو تعود من حيثُ جئت. بنيَّ: عندما تهرب من الثعابين وتصل إلى أعلى رقمٍ فوقَ الرقعةِ يكون المكان أبرد وأبهى وأجمل ثم تردك جاذبيةُ الأجسامِ إلى حيث كنت ما لم تقاومها وأنى لكَ التمسك في غصنٍ رفيعٍ للأبد؟ والثانية: أن البشرَ سفنٌ صغيرةٌ تمخر عبابَ بحرِ الطوفان، اقتربت سفينتك من سفينتي، ارمِ الحبلَ عندما ينكسر لوحٌ في سفينتي وأنا سوف أرمي الحبلَ وأدعوكَ يا بنيَّ اركب معنا، وإلا غرقنا في بحرِ الطوفان الذي ليسَ فيه جودي ترسوا عليه السفن.

في القادم من الأيام عندما نمشي معاً في دروبِ الحياة سوفَ أقصُّ عليك بعض أقاصيصِ ثعابين الحياةِ وسلالمها، فهلا دعوتَ الربيعَ أن يطول؟ بنيَّ: تذكر عندما أغيب عن ناظريكَ أن تبقى حقيقةُ صورتي وليس رسمها فرسم الأشياء لا ينفع دون حضورِ حقائقها. بنيَّ: في الحياةِ يبقى الحبُّ للنساء والبشر والطبيعة، والصلابة والخشونة لمن سواهم.

تيقن أيها الشاب أنني سوف أنتظرك لتقوى بعد ثلاثينَ سنة عندما أصبح في التسعينَ وأنتَ غضٌّ في الثلاثينات. ربما تهزمني في قواي وتكون عصاي التي أهش بها على ضعفِ الحياة، لكنني سوف أبقى معلمك الأكبر في العزمِ والإرادة. كلانا سوف يُغرم بالحياة، أنت تمسك بيدي وانا أفلتها من يدكَ، تماماً مثلما كُنت في صغرك.

بنيَّ: درسنا النهاياتِ في الصفوف الثانوية وما بعدها، على أنها مفهومٌ أساسي في التفاضلِ والتكامل وهي تعني القيمة التي تقترب منها قيمةُ دالةٍ ما لدى اقتراب المتغير السيني من قيمة معينة. دلالتها العلمية والهندسية سوف تدرسها في كتبِ الجامعة، اما دلالاتها القيمية ومتى تلتقي المتغيرات فاقرأها من كتاب  "تكامل الحياة والناس والدين".

مستشار أعلى هندسة بترول