آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 4:57 ص

تسوّق رشيد

ليلى الزاهر *

في حوار طريف جمع بين صديقتين قالت إحداهما للأخرى: يبدو لي أنها باهظة الثمن لقد تجاوزت تسعة آلاف ريالٍ ما رأيك؟

أجابت: كغيرها من الحقائب التي تقتنيها، ربما كان ثمنها يوازي رحلة سياحية في الصيف القادم.

عقّبتْ قائلة: وربما أضع ثمنها في نظام الادخار لتعليم ولدي فقد أوشك على دخول المدرسة.

هكذا دار الحوار الجميل في إطار البحث عن الأولويات وتقديمها على الكماليات بطريقة حوارية عقلانية، مغلفة بأسلوب ذكي في عملية الشراء والتسوق.

إن التسوّق الذكي عملة صعبة قلّما يتنبّه الناس لها أثناء تسوقهم فنلاحظ البعض يتهافت على العروض التجارية ويكدّس بضائع ليس بحاجة لها يكون مآلها إحدى الحاويات، والبعض يكلّف نفسه العبء المالي المرهق لشراء هدية لصديق قد لا يحتاج لها.

وللناس مذاهب في عشق التسوّق إذ بدا الأمر لا يخصّ النساء دون الرجال كالسابق وإنما للرجل نصيب وافر من القوة الشرائية في وقتنا الحالي.

وقد ترافق صديقا للتسوق فتقف مستنكرا كيف يصرف نقوده بوجه غير مدروس بينما يرى تسوقك الرشيد أحد وجوه البُخل وخاصة عندما تُحجم عن شراء أشياء لست بحاجة إليها. لذلك فأن ثقافة التسوق الرشيد تُبنى على نظرة مستقبليةتخلو من العشوائية والتخبط الاقتصادي لتقوم على صرف الموارد المالية بطريقة تخلو من الإسراف وتجنب صاحبها الوقوع في الإفلاس.

إذ أنه أمرٌ يصبُّ في الاستفادة من المال وادخاره بوجه سليم وصرفه في وقت الحاجة. وهذا ما يدعو إليه المتخصصون في شؤون حماية المستهلك فقد أوضحت نائبة رئيسة جمعية الإمارات لحماية المستهلك الأسس السليمة المتبعة فيالتسوق الرشيد قائلة:

«إن معايير التسوق الرشيد تستلزم من المستهلكين تحديد الاحتياجات الأساسية لهم وتدوينها قبل التوجه لمنافذ البيع، والاعتماد على الشراء من المنافذ المضمونة، لتجنب شراء أي سلع مجهولة المصدر»

لذلك لابد من وضع خطة شرائية عند التسوق قائمة على تدوين جميع الاحتياجات الخاصة بأفراد الأسرة بما يتفق وميزانية معتدلة تناسب المدخول المالي للأسرة في مختلف الأوقات وخاصة في وقت المناسبات والأعياد

إذ يهرع أصحاب الترشيد الاستهلاكي إلى شراء مستلزمات الأسرة في وقت مبكر للمناسبات واختيار موفق لمنافذ البيع بهدوء ودون الدخول في زحامات متعددة مما يكفل لهم المفاضلة بين المحال التجارية بروية ومقارنة الأسعار ثم الشراء حسب ما يحلو لهم دون تكبد العناء في التسوق وبأقل الأسعار الممكنة مع الاحتفاظ بجودة السلعة.

قال تعالى في كتابه الكريم:

﴿إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللهُ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ

إن المال وُضِع بين أيدينا قوة وعنوانا للخير واجبنا التصرف فيه بوعي اقتصادي محسوب بميزانية مقتصدة لا إسراف فيها ولا تضييق.