صراع الأجيال بين الآباء والأبناء
التقاليد جمع تقليد وهو مصطلح يعني الموروث الذي يورث عن الآباء والأجداد أي تقليد الأجيال في هذا أو ذاك المجتمع لمن سبقهم من الأجيال في العقائد والسّلوك والمظاهر. يوجد فرق بين لفظي 'العادات' و'التّقاليد' رغم ارتباطهما ببعضيهما فالعادة أو العادات هي الأمور المألوفة والتي اعتاد الفرد على القيام دون جهد ولفترة زمنيّة معيّنة أمّا التّقليد أو التّقاليد فيمثل الموروث الثّقافي لفرد أو قبيلة أو مجتمع عن آبائه وأجداده.
هناك اختلاف كبير في المستوى الفكري بين الآباء والأبناء على مر العصور ومازالت هذه الفجوة تتسع يوما بعد يوم مع الانفتاح الفكري والثقافي على العالم فالأبناء يتهمون آباءهم بأنهم متأخرون عن إيقاع العصر ويصفونهم بالمتزمتين والمتشددين بينما يتهمهم الآباء بأنهم لا يحترمون القيم ولا العادات ولا التقاليد وهم قليلو الخبرة ومع هذا لا يحترمون آراء وخبرة الآجيال السابقة.
تتعرض بعض المجتمعات لتغيرات سريعة ويصاحب أي تغير اجتماعي سريع عادة صراع في بعض القيم وتفكك في بعض العلاقات الاجتماعية ونوع من القلق النفسي لعدم وضوح الرؤية المستقبلية مما يجعل الشباب في مفترق الطرق حائراً بين التمسك بالقديم المألوف الذي خلقته العادات والتقاليد أو الأخذ بالجديد الذي قد يكون مجهول العواقب في غالب الأحيان والمجتمع الواعي هو الذي يؤمن بالتطور والتقدم ويبتعد عن الركود والجمود ويدرك تمام الإدراك أنه إذا اراد جيلا نشيطاً من الشباب فعليه أن يؤمن بحركة التغيير وتقبل الأفكار المختلفة ولعل تزايد المسافة الاجتماعية بين جيل الكبار الذين يشكلون ثقافة خاصة بهم والتي من ابرز سماتها المحافظة والتقليدية، وجيل الشباب الذين يشكلون ثقافة خاصة بهم والتي من ابرز صفاتها التمرد والثورة على الأهل والمجتمع والبحث عن كل جديد أدت بطريقة ما إلى تزايد حدة الصراع الاجتماعي والثقافي والقيمي على وجه الخصوص لدى الشباب.
إن المجتمع في فترات التغير تختلط فيه القيم وتتداخل الأمور كما تكثر الاتجاهات وتتصارع حول أهداف ووسائل التغيير ويقع الشاب نتيجة لذلك ضحية هذه التناقضات ويجد نفسه في حالة من الصراع بين قدرته على العطاء والحلم في التغير وقوى مضادة في المجتمع تصد هذه القدرات وتمنعه من تقديم أي دور تغييري فإما أن يرضخ ويقبل بهذا الواقع المفروض عليه وينادي بقيمه وعاداته وإما أن يدخل في تناقض معه يدفع به إلى رفض القيم للنظام القائم مما يدفعه إلى أن يعيش أزمة من ابرز مظاهرها التمرد والتحرر من القيم الثقافية للأهل.
السؤال المطروح هل نؤمن بهذا الجيل وقدرته على التغيير للأفضل أم أن للأجيال السابقة قدسية خاصة لايمكن لرياح التغيير أن تطالها؟