آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 1:13 م

جسور للمشاة «يا محسنين»

أمين محمد الصفار *

دون الحديث عن التاريخ القريب للقطيف يوم كانت مساحتها من ميناء العقير جنوبا الي خور بلبول شمالا، فهي مدينة تحتل موقعاً مميزا بين مدن مهمة وبامكانها أن تلعب دور محوري يعزز مكانة المنطقة الشرقية والمملكة ككل، فما تتمتع به القطيف ليس موجودا في الدمام والخبر أو الجبيل على سبيل المثال، لذا تحتاج القطيف إلى إزالة عقلية التعامل معها وكأنها قرية صغيرة كي يكون التخطيط الحضري والأداء البلدي على قدر المدينة وموقعها، وأن تكون الرؤية قادرة على ربط القطيف تنمويًا وتكامليًا مع هذه المدن لتعزيز التكامل بين منظومة مدن المنطقة الشرقية.

بعد مشاهدة العديد من المناشدات ومقاطع الفيديو، جربت قبل أيام «وآمل أن يجربها أيضا بعض مسؤولي البلدية والمجلس البلدي أيضا» عبور شارع أُحد بالقرب من البحاري مشيًا على الأقدام واكتشفت عمليًا صعوبة هذا الأمر حتى للاصحاء العاديين، وتذكرت حال كبار السن من النساء والرجال والأطفال والمعاقين وفاقدي نعمة البصر الذين يحتاجون لعبور هذا الشارع عدة مرات في اليوم الواحد، واعتقد ان التجربة الشخصية ستغني عن كثير من الشرح والتفصيل في هذا الأمر.

بعيدًا عن الأسباب والحاجة المجتمعية التي يفرضها الواقع والنظام أيضا، سأتحدث بلغة افترض أن إدارة الاستثمار ببلدية القطيف تتقنها جيدًا، فحتى بافتراض «جدلاً» أن لا حاجة فعلية للناس، إلا أن إنشاء جسور مشاة حول المربع الذهبي الذي يمثل وسط المدينة وهو الجزء الممتد من شارع أحد من جهة الشمال الي شارع القدس شرقا، ومن شارع الرياض جنوب إلى شارع المحيط غرباً، هو مشروع بمواصفات استثماري مثالية للبلدية أو أي مستثمر اخر، فهو منخفض التكلفة مرتفع العائد منعدم المخاطر، ولا يحتاج رأس مال، وبإمكانه أن يكون المصدر رقم واحد لإيرادات الاستثمارية للبلدية، وسوق الإعلان وتجربة الأمانات الأخرى تشهد بذلك.

أنني وبالرغم من أن اللغة الاستثمارية تصب تماما في صالح فكرة إنشاء جسور للمشاة في القطيف، الا أنني أيضا أؤكد على ضرورة أن تكون الدوافع للبلدية في إنشاء جسور المشاة وغيرها هي خدمة المجتمع التي هي مكلفة أساساً بخدمته اولًا، وهذا يعني عمليا البدء بتأسيس التنظيم الإداري على اساس مصلحة الناس كعنوان لإدارات البلدية المختلفة، فالطرق وجسور المشاة والأسواق والحدائق والتنمية - وليس ضبطها - هي التي يجب أن تتصدر الهيكل التنظيمي للبلدية، إضافة إلى البيئة والنظافة اللتان فقدتا الكثير من ارتباط الاسم بالمسمى بسبب التشعب وضعف التنظيم الإداري.

أن مطلب إنشاء جسور للمشاة هو مطلب صغير جدا لكنه يلبى حاجة للناس وهي أصبحت الآن مع مضى الوقت عاجلة جداً، وهذا المطلب يعطي للمدينة بعدا تنظيميًا آخر على مستوى التطور.

آمل ألا يكون هذا المطلب البسيط جدا صعبًا على بلدية القطيف، فهي استعدت وافتتحت اول جهودها للتحول إلى أمانة ببناء أكبر مبنى بالمحافظة ليكون مقرا لها قبل تنتهي دراسة التحول لأمانة والتي يعكف عليها المجلس البلدي.