آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 4:57 ص

«هوندا» ريادة الصمود القاهرة

ليلى الزاهر *

بعيدا عن دفع عجلات الحظ للناجحين

أؤمن بأن مملكات النجاح قوامها قضية تسْتَعر، ودعم يعزّز القدرات يجعلها تفْزع منتهجة خطوات موزونة.

وأكاد أُجزم أن الخطوات الأولى لأيّ عمل ناجح صارعت الكثير من المُحْبطات حتى تمكنت من أن تُخرس الأصوات المزعجة. فهناك الكثير من الأفكار لم ينل أصحابها سوى أصوات السخرية والاستهزاء من جميع المقربين، الكل يلمّح أو يصرّح ساخرًا، حتى الجدران يبدو على تقاطيعها الاستهزاء الممزوج دهشةً.

والساحة الإنسانية مليئة بهذه النماذج العريقة مرورا بالمخرج العالمي مصطفى العقاد - رحمه الله - مخرج أشهر الأفلام العربية رقيا «فيلم: الرسالة، وعمر المختار» إلى المضيء بيوتنا بعد ظلمتها «توماس أديسون».

إنّ أرقام صفحات الناجحين كثيرة وجميعهم أسقطوا من قواميسهم «الظروف لاتخدمني» إذ لوقلّبت صفحاتهم لاحظت شعاع العمل المتواصل مضيئا بين طياتها.

وفي خضم مسلسل البحث عن مركبة قوية برزت لي «هوندا» كخيار مناسب. ولاعجب فصاحبها عركته السنوات إلى أن أسس شركته الرائدة.

صاحب شركة «هوندا» الياباني سويكيرو هوندا جاهد ليل نهار لتجلس أنت وأنا خلف مقود هذه المركبة. في بداية طريقه للنجاح تعرض معمله للقصف أثناء الحرب اليابانية الأمريكية ورفضت الحكومة اليابانية إمداده بالأسمنت لإعادة ترميمه وذلك لظروف الحرب التي كانت تمرّ بها اليابان وما أن استقرت به الأوضاع وعاود النهوض مجددا حدث زلزال دمّر مصنعه بأكمله وقد كان على وشك توقيع العقد مع شركة «تويوتا».

لم تخمد تلك الثورة بداخله فصنع محركا صغيرا لدراجته التي استخدمها لجلب متطلبات عائلته في وقت كانت اليابان تعاني من قلة البنزين، وفجأة دارت عجلة النجاح مسرعة وتحولت الأصوات الساخرة إلى نداءات عاجلة من جميع الأهل والأقرباء، وتدافع الناس على اختراع هوندا لتركيب ذلك المحرك في الدراجات. انبعثت الآمال مرة أخرى واستطاع هوندا إعادة بناء مصنعه من جديد بمساندة أصحاب محلات الدراجات، واستطاع الفوز باختراع الدراجات النارية. وعلى أثر ذلك فاز بجائزة إمبراطور اليابان. وبدأت حركة تصدير الدراجات النارية لأوربا والولايات المتحدة، وامتدت لتشمل المركبات لتظهر شركة «هوندا» على وجه الأرض كإحدى الشركات الرائدة في صنع السيارات.

لقد برز اسم «هوندا» لامعا لأن بطلًا من أبطال النجاح قرر أن ينحني للعاصفة قليلا بدلا من اقتلاعه من جذوره، محتضنا إرادة قاهرة.

وخلاصة القول أننا نواجه حروب كلامية كثيرة تسعى لكسر مجاذيفنا لكننا نسير في مأمن وطمأنينة لأننا نتركها خلف ظهورنا ولا نفكّر إلّا في سبل الوصول.

فإذا كان عندك حلم يتوسّد الفراش معك، يشاطرك حديث النجاح، و

‏يزجُّ بك في منعطفات وعرة ليصلب عودك، وينقلك إلى جمال الإنجاز

‏فجاهد من أجله، واترك كلامهم العابث خلفك.