آخر تحديث: 23 / 4 / 2024م - 4:55 م

سيرة وانفتحت: أهازيج لها تاريخ 1

أثير السادة *

طرقوا كل الأبواب وهم يبحثون عن طريق يوصلهم إلى جدة، الشتاء البارد لم يكف لإطفاء حرارة الشوق للسفر إلى هناك، مدججين بأحلام الفوز التي تراقص أعينهم راحوا يفتشون عن وسيلة تحملهم إلى مباراة الخليج والأهلي في كرة اليد، طلبهم الذي تقدموا به لإدارة النادي انتهى للا شيء، عندها جمع كبيرهم كل شجاعته وذهب إلى ”الدر للباصات“ وسألهم حافلة يذهب بها مع العائلة إلى هافمون، كانت الحيلة الشيء الوحيد الذي سيهبهم الوصول يومها، لذلك وفي نشوة الظفر بالحافلة تحلق الأصدقاء وأدار وهبي المرزوق مقود الحافلة باتجاه غرب الوطن.

في الطريق كانت المفاجآت بانتظارهم، الطبول التي جمعوها والبطانيات التي اذخروها لبرودة الطريق، لم تسعفهم في في لحظات التعطل، حيث اشتعل الباص ناراً وتوقف عن الحركة، خيم الشعور بالخيبة والقلق على جمهور الحافلة، غير أنهم قطعوا الشوط الأطول من هذا الطريق، تخلصوا من الحافلة بركنها في منطقة ”ظلم“ واستقلوا سيارة أجرة باتجاه المباراة التي لا يريدون التنازل عن رغبة حضورها.. تكدسوا في سيارة من نوع الدتسون جميعهم، متوزعين بين من جلس بداخلها، ومن ركب في مؤخرة السيارة في الهواء الطلق.

كل شيء في هذه الرحلة يوحي بجنون هذا الفريق، ففي لحظة التعافي من تعب المشوار ومفاجآته، راح كبيرهم يصوغ كلمات من وحي المعاناة، دندن في رأسه بعض الكلمات، نضجت الفكرة واستقام اللحن، حتى بلغوا مقصدهم، هناك أدرك الفريق المباراة في موعدها، وبدؤوا بالترديد: جئت زحفا يا خليج رغم أشواك الطريق/ شب في الباص حريق بددته الذكريات.. بعدها راح التصفيق يملأ المكان، واللحن ينساب كتمارين صوتية لأول مرة في فضاء الملعب، طازجاً وقريباً من ذاكرة العابرين من أجواء الثمانينات في المنطقة.. ارتجل الجمهور كثيرا في تلك المباراة، حين كتب فيها أيضا واحدة من أهازيجه الحماسية: جمهورك يبي الفوز/خلجاوي لبي الطلب.. اكتشفوا قدرتهم على ابتكار العبارات وصياغة الألحان التي تصقلها الأيادي الضاربة على طبول المباراة.

نسي الفريق الباص وهم يخرجون مبتهجين بنتيجة المباراة، تذكروا فقط الأفق الجديد الذي ينتظر نادي الخليج وهو يعبر البوابة الأصعب، نسوا البرد الذي ينتظرهم حين العودة، وهم يتدثرون حرارة الفوز، عائدين إلى مدينتهم الصغيرة، التي ارتسمت صورتها على هامش صورة كرة اليد، فكانت العنوان الأكثر وطأة في ذاكرة الناس.