آخر تحديث: 24 / 4 / 2024م - 8:51 ص

في ذكرى مولد الامام الحسن (ع)

محمد المحفوظ *

تعلمنا توجيهات الإسلام، ان الوصول الى الأهداف والغايات، لا يتم بمعصية الله بل بطاعته، وإذا حاولت أمراً بمعصية الله فإن الله يعاقبك على ذلك بأن يفوت عليك ما ترجوه.. لذلك جاء في وصية الامام الحسين لاحد أصحابه «من حاول أمراً بمعصية الله كان أفوت لما يرجو واسرع لمجيء ما يحذر»..

وفي ذكرى مولد الامام المجتبى تتجدد عزيمتنا للالتزام بقيم السماء في المقاصد والوسائل، انطلاقا من وصايا الأئمة وتوجيهات قيم الإسلام العزيز..

والاحتفال بالمولد الشريف، هو احتفال بالنور الذي اطلقه الامام المجتبى في الأمة والخط الذي رسمه والجهاد الذي حركه والأفق الذي فتحه.. نحن نحتفل بأحد صناع المجد في الأمة في لحظة تاريخية، كادت تخضع الأمة بأسرها الى الجبروت والزيف الأموي.. وفي هذه اللحظات نود الحديث عن محورين أساسيين وهما:

1 - كيف قرأت مسيرة وسيرة الامام الحسن ..

2 - ماذا يريد منا الامام الحسن ..

* قراءة السيرة والمسيرة: ثمة مقاربتان أساسيتين تحكمنا في تدوين السيرة الحسنية في كل مراحلها وهما: 1 - مقاربة تبرز واقع المصالحة الحسنية مع معاوية.. وهي مصالحة تستهدف الحفاظ على قيم الإسلام وعدم السماح لها بالاندثار.. ولعل من ابرز خصائص هذه المقاربة هو التالي: 1 - النزوع نحو بناء الأساطير دون وثائق ومستندات تاريخية او روايات عن أئمة أهل البيت .. وتحركت في هذا السياق الترسانة الإعلامية الأموية في نسج شخصية متخيلة حول الامام الحسن .. ورسم الإعلام الأموي للأمام الحسن شخصية المزواج الذي لا هم له الا الزواج والطلاق.. 2 - تغييب البعد التحليلي في قراءة الأحداث والتحولات التي واجهت الامام الحسن .. 3 - اختزال سيرة ومسيرة الامام الحسن في لحظة الصلح مع معاوية، دون الإطلالة المعمقة على مراحل حياته الشريفة.. 4 - تعزيز نزعة المظلومية التاريخية التي تعرض اليها الامام الحسن في مراحل حياته المختلفة..

* مقاربة المشروع والقضية: وهي مقاربة تستهدف إبراز القضية والمشروع ألدي عمل من اجله الامام الحسن في كل أطوار حياته وضحى من اجله في ختام حياته الشريفة.. ومن الضروري في هذا السياق القول: ان الأنبياء والأوصياء خلدوا في وجدان الإنسانية من خلال هذا التزاوج بين المشروع والألم، بين المأساة والقضية.. ويخطأ من يختزل الامام المعصوم في جانب دون الإطلالة والتعريف بالجوانب الأخرى.. لذلك لا يمكن ان نفهم الامام الا بفهم رسالته وقضيته في الأمة.. أما خصائص هذه القراءة الشاملة فهي: 1 - إبراز وطرح الأحداث التي تعرض اليها الامام في سياق تحليلي وبعيدا عن لغة كان يا مكان.. 2 - الاهتمام بإبراز القيم والمبادئ الأساسية المحركة للحدث التاريخي.. 3 - التعامل مع الظواهر الإنسانية على قاعدة السنن الربانية في الحياة الاجتماعية وبعيدا عن نزعة الأسطورة.. 4 - الربط في سياق تحليلي بين المقدمات والنتائج، فالحدث ليس نبتا شيطانيا، وإنما هو نتاج احداث وتطورات أخرى..

* ماذا يريد منا الامام الحسن : - كونوا احرارا في دنياكم: من الطبيعي القول: لا حرية بدون احرار، ولا ديمقراطية بدون ديمقراطيين وان كل حرية بلا احرار، هي حرية شكلية، وان حجر الزاوية في مشروع الحرية، هو وجود وبناء الإنسان الحر، الذي يترجم قيم الحرية ويدافع عن مقتضياتها ومتطلباتها لذلك يقول الامام الصادق «ان الحر حر في جميع أحواله، ان نابتة نائبة صبر لها، وان تراكمت عليه المصائب لم تكسره».. والطريق الى الحرية في الواقع الخارجي، هو التحرر المعنوي من الشهوات والغرائز والأهواء، بحيث لا تكون هناك حاجة تذل الإنسان وتقوده الى التضحية بحريته.. ومن يحب الحسن فليعمل من اجل الإصلاح في أمة جده، كل بحسب طاقته وإمكاناته.. ويريدنا الامام الحسن الزكي ان لا نفسد في الارض، وان لا نثير الفتن بين الناس.. ويريدنا ان نسير في طريق الخير ونعمل في صناعته في كل دوائر الحياة.. ويريدنا الامام ان ننصر المصلحين في الأمة، ولا نتفرج عليهم بل نساندهم وندعمهم.. فلا إصلاح بلا معرفة، لذلك نحن بحاجة بشكل دائم للقضاء على كل أشكال الأمية الدينية والاقتصادية والاجتماعية.. فالأمم الحية هي الأمم التي تنتج وتعمل وتكافح وتراقب وتحاسب.. في ذكرى مولد الامام الحسن تعالوا نعقد العزم على رفع رايته وحماية القيم والمبادئ التي عاش من اجلها وضحى في سبيلها..

كاتب وباحث سعودي «سيهات».