آخر تحديث: 25 / 4 / 2024م - 7:06 م

غياب المودة حديث المجالس

فراس حسين الشواف *

تعرف اللغة العربية وتتميّز بوجودِ العَديد من الكلمات التي تبدو متشابهةً ولكنّها تختلف في معناها؛ فهناك الكثير من المصطلحات التي تُستخدم لوصف العديد من الحالات النفسيّة والتصرفات المختلفة، وقد تكون هذه المُصطلحات متقاربةً من بعضها البعض وتختلط أحياناً على النّاس، ومن أكثر هذه المُصطلحات استخداماً مصطلحا الحب والمودة واللذين يختلفان في المعنى بشكلٍ كبيرٍ. يُعتبر الحب من الصفات النفسيّة العاطفيّة القلبيّة، بينما تُعتبر المودّة من الصفات العمليّة وهي أثرٌ سلوكيٌّ متفرّع من الحبّ، فمن أحبّ شخصاً ما سيظهر له المودة بالتأكيد، فالحبّ هو المؤثّر والسبب والمودة هي الأثر الناتج عن الحبّ وكلّ حبّ ورائه مودة.

ذُكرت المودة في العديد من المواضع في القرآن الكريم، قال تعالى «وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ» صدق الله العظيم

 إنّ هذه الآية تُوضح أنّ السكن والمودة والرحمة هما أساس الحياة الزوجيّة بين الرجل والمرأة، فبغياب المودة والرحمة بينهما ينهار الزواج، والسكن هنا هو سكينة النفس والطمأنينة والاستقرار، والمودّة هي أمر تبادليّ أي يتبادلها الزوج والزوجة ولا تتحقّق إلا من كلا الطرفين. 

الزواج من الناحية الإنسانية هو رباط وثيق بين المرأة والرجل لتحقيق السعادة البشريّة، لو تم الأخذ بعين الاعتبار الأحكام والآداب الاسلامية والشرعية بشكل صحيح؛ حيث إنّ الزواج هو الطريقة الشرعيّة لتكوين الأسرة، أمّا الزواج شرعاً فهو عقد شرعي يجمع ما بين المرأة والرجل لإباحة العشرة ما بينهما في رحمة ومودّة، ويبيّن لكلٍّ منهما الحقوق والواجبات. قال تعالى: ﴿وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ صدق الله العظيم

حدد عالم النفس الأمريكي روبرت جيفري ستيرنبرج Robert Jeffrey Sternberg في نظريته المعروفة باسم“مثلث الحب”ثلاث مكونات رئيسية يحقق التوازن بينها علاقة حب أو زواج ناجحة، هي:

1 - الحميمية: وتشير إلى الصداقة والمشاركة بين الطرفين والرغبة في تمضية الوقت سوياً.

2 - العشق: وهو المكون العاطفي ويشير إلى المشاعر المتأججة والجاذبية والرغبة الجنسية المتبادلة بين الطرفين.

3 - الالتزام: وتتمثل في التزام الطرفين بالحفاظ على العلاقة والحرص على استمراريتها والعمل على ذلك.

ويقول ستيرنبرج إن العشق هو أسرع المكونات تطوراً، بما في ذلك جذوة الجنس واشتعال الرغبة فيه، ولكنه كذلك أسرع المكونات التي قد تتلاشى مع مرور الوقت، مقارنة بالحميميّة، والالتزام.

يكاد يكون اعتراف شخص ما بأنه طرف في زواج لم يعد للجنس وجود بداخله، من أكثر الأمور إحراجاً وصعوبة نظراً لما ينطوي ذلك عليه من أحاسيس مركبة بالتجاهل والفشل في إغراء الطرف الآخر بالحميمية وخيبة الأمل وانعدام الجاذبية الجنسية وعدم الرضا عن العلاقة بوجه عام غير تلك التراكمات والتعقيدات النفسية التي تختلف طبيعتها ووطأتها من شخص إلى آخر.

قال رسول الله ﷺ: «ألا أخبرکم بخير نسائکم؟ قالوا: بلى. قال: إنّ خير نسائکم: الولود، الودود، الستيرة، العفيفة في أهلها، الذليلة مع بعلها، المتبرّجة مع زوجها، الحصان عن غيره، التي تسمع قوله، وتطيع أمره، وإذا خلا بها بذلت له ما أراد منها، ولم تتبذّل له تبذّل الرجل «أي: لم تترک الزينة له»».

وقال علي بن ابي طالب «تحتاج القرابة إلى مودة، ولا تحتاج المودة إلى قرابة».

حسابات التواصل الاجتماعي:
تويتر: AlshawafFeras@
انستقرام : alshawaf_feras
سناب شات : feras-hussin
فيس بوك: Al-shawaf Feras