آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 2:22 م

شهر ضيافة الله «24»

محمد أحمد التاروتي *

مسلسل الاولويات يختلف باختلاف الاهتمامات والاهداف، فالأولويات تكون احيانا ليست ذات أهمية لدى إنسان، ولكنها تحتل مساحة من تفكير شخص اخر، لاسيما وان التحرك البشري باتجاه تحديد الاولويات، تحكمه الطموحات الشخصية، والظروف الاجتماعية واحيانا السياسية وطورا الاقتصادية، الامر الذي يسهم في بلورة سلم الاولويات لدى المرء في البيئة الاجتناعية، مما يفسر التباين الحاصل لدى البشر في الحياة ”اختلاف امتي رحمة“.

الميول الذاتية تشكل النواة الاساسية في رسم الاولويات لدى المرء، فالبعض يضع مجموعة أهداف يتحرك باتجاهها على الدوام، مما يدفعه لايجاد الوسائل اللازمة للوصول اليها، بحيث تبدأ من الدفاع عن تلك الاهداف، ومحاولة ازالة جميع العراقيل التي تعترض الطريق، لا تنتهي بمجموعة التحالفات والمعاهدات، واحيانا المناورة والتنازلات المرحلية، لاسيما وان الغموض الذي يكتنف بعض الاهدافى يتطلب الكثير من الجهد لرفع الضبابية من التفكير الاجتماعي، سواء في المحيط الاسري المحدود، او البحر الاجتماعي الواسع.

الاختلاف في الاولويات، يشكل احد الأدوات المساعدة للتكامل الانساني، لاسيما وان السير على نمط موحد لا يثري التجربة البشرية، وإنما يكرس الحالة الاحادية في معالجة الاهداف البشرية، وبالتالي فان التخوف من التعدد في رسم الاولويات، ليس مبررا على الاطلاق، لا ينبغي تضخيمه مطلقا، لاسيما وان الاستيعاب الايجابي قادر على احتضان الجميع في بوتقة واحدة، مما يقود لصهر التباين البشري في المسيرة التنموية الانسانية في مختلف المجالات.

التفرد في اتخاذ القرارات مرض خطير، نظرا للاثار السلبية المترتبة على انتهاج هذه السياسة، في التعاطي مع وجهات النظر الاخرى، فالدفاع عن وجهات النظر مبرر، كونه احدى ملامح الانتصار للأهداف الشخصية، ولكنه في الوقت نفسه، ليس مدعاة للدخول في معركة الرفض التام للاّراء الاخرى، لاسيما وان سياسة ”مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى? وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ“ ليست قادرة على الإحاطة بجميع الامور، فمهما بلغت قدرات الانسان فانها تبقى محدودة، وبحاجة للاخر في الكثير من الأشياء ﴿لِّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا.

النظرة المغايرة للأولويات لا تشكل ”ضوء اخضر“، لتسخيف الاّراء الاخرى، فالمرء مطالب بوضع خطوط حمراء، في التعاطي مع القناعات الاخرى، فالنقاش ظاهرة صحية في تصحيح بعض المسارات، وترتيب الاولويات، بيد ان الدفع باتجاه اجبار الاخر على التنازل امر خاطئ، لاسيما وان الانسان يمتلك كامل الحرية في الدفاع عن أهدافه، والتمسك بها حتى النفس الاخير، وبالتالي فان احترام القناعات يضع قواعد مشتركة، لتشكيل التكامل البشري، فيما يتعلق بالأولويات في جميع القضايا، سواء الشخصية او الاجتماعية.

التجربة تشكل الميدان الحقيقي، لكشف صوابية او خطأ الاولويات المرسومة، فالانسان لديه القدرة الكافية لاكتشاف العيوب، بمجرد دخول الاولويات معترك الحياة، والاحتكاك المباشر، مما يدفعه لاحداث تغييرات جوهرية في المنهجية الفكرية، من اجل الخروج من معركة الحياة باقل الخسائر الممكنة، وبالتالي فان صوابية الاولويات مرهونة بالقدرة على الترجمة على ارض الواقع، فهناك الكثير من الاولويات وجدت طريقها للنجاح، واخرى واجهت الفشل الذريع، نتيجة صعوبة تطبيقها على الارض.

شهر رمضان المبارك يمثل محطة اساسية، في رسم الاولويات في الحياة، فطريقة الاستفادة من الشهر الفضيل، تشكل احد المفاصل الاساسية في تحديد الاولويات، سواء على الصعيد الشخصي او الاجتماعي، "أيها الناس إنّ أبواب الجنان في هذا الشهر مفتَّحة فسَلُوا ربكم أن لا يغلقها عليكم، وأبواب النيرانُ مغلَّقة فسلوا ربكم أن لا يفتحها عليكم".

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 1
1
خادم الزهراء
[ جزية تاروت ]: 29 / 5 / 2019م - 10:09 م
هذا هو الكلام(التنازل ثم تنازل ثم تنازل ثم تنازل)قصه قصيره()عندما استلم امير المؤمنين الخلافه أوكل ولاية الى احد المزارعين (النخالوه)وكان النخلاوي يزرع في بستانه ولم يكن في المسجد عندما قسمة الوكالات على الوكلاء ولاكن كان ابن النخلاوي جالس في المسجد فلماسمع اسم ابيه (عماره)قد وكلاء لم يصدق وذهب الى ابيه يجري وهو يصرخ ابي اين انت عندها قال له ابيه مابك هل جننت قال له اسرع يأبي الى المسجد قال له لماذا قال له علي ابن ابي طالب عندها لم يتمالك عماره نفسه وقال ماذا حدث الى سيدي ومولاي قال له قد نصبك والي قال له ماذا تقول قال هذا متحصل اذهب واستلم الولاية في المسجد ولكن قبل ان تذهب أعطني قيمة حداء لقد نغزتني سلايه هل رأيت ابن والي حافي القدمين قال له عماره وهل رأيت والي بدون حداء()
كاتب صحفي