آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 10:36 م

اليتيم والمجتمع

عباس سالم

اليتيم هو من فقد أبوه وهو صغير لم يبلغ سن التكليف أو سن البلوغ، وهذا الأمر يجعله في أشد الحاجة لمن يرعاه ويسانده ويقف إلى جواره، لعله يستطيع أن يعوضه حنان الأبوة.

الحياة في زماننا هذا مليئة بالقسوة وطغيان المادة والجشع البشري، الذي قاد إلى ضياع شريحة كبيرة من الأطفال اليتامى في المجتمع، وأن الأمة أصبحت يتيمة من بعد استشهاد الإمام علي ، لقول نبيها محمد ﷺ: ”يا علي أنا وأنت أبوا هذه الأمة“، وهي اليوم تنتظر لحظة تستعيد فيها الإنسانية معاني الرحمة والشفقة، وتفيض قلوب الناس في المجتمع بالصفاء والعطاء والتحنن على المساكين والضعفاء والأيتام.

موت الأب يُعدّ مصيبة للطفل الصغير، وتكون شدة الصدمة على البنت أكثر من الصبي بكثير، ومن ثَمَّ فإن شعورها بالحزن أكبر، ولكن بسبب تعلقها الكبير بالأم يكون شعورها بالوحدة أقل من الصبي، وأمّا الصبيان فإنهم سيشعرون بالوحدة القاسية والمؤلمة، ولذلك فإنه من الصعب على الأطفال نسيان حزن الموت أو إزالة آثاره، وللتخفيف من آثاره يحتاج إلى جهد كبير من قبل المجتمع والأم على السواء.

واجبنا الإسلامي والإنساني كأفراد في المجتمع أن نتولى شؤون اليتيم، فهؤلاء مجرد كونهم يتامى فإن حق الإنسانية يحكم بضرورة الاهتمام بهم، وفي الوقت نفسه فإن الله لا يضيع أجر أحد في هذا الطريق، وجاء عن رسول الله ﷺ أنه قال: ”أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة“ هاتين يعني بهما إصبعيه الشريفين الوسطى والسبابة، وفي حديث آخر روي عن النبي ﷺ أنه قال: ”من مسح يده على رأس يتيم ترحماً له، كتب الله له بكل شعرة مرت يده حسنة“ «بحار الأنوار، ج 82، ص 79، رواية 16، وفي رواية أخرى ”قصراً أوسع من الدنيا بما فيها، وفيها ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين وهم فيها خالدون“ ج8، ص 179.

تتجلى اسمى معاني الإنسانية عند الإمام علي في تعامله الحنون والعطوف مع الأيتام، وأن من يقرأ سيرته يجد رجلا ينبع رحمة وعطاء وحباً لا مثيل له للأيتام، كيف لا وهو أبو هذه الأمة بعد النبي الأكرم ﷺ، والحمدُ لله فانّ المجتمع يتحمّل اليوم مسؤوليتهُ إِزاء هذه الطّبقات الضّعيفة من الأيتام والأرامل وضِعاف الحال، فالجمعيات الخيرية متمثلة بلجان «كافل اليتيم» لها برامج نموذجية في مجال كفالة اليتيم، وتطور مشروعها ليتحول إلى رعاية شاملة له ولأسرته، والبرامج المتعلق برعاية الأيتام والأرامل في الجمعيات الخيرية تعمل على مساعدة أسر الأيتام والأرامل إلى جانب الأسر الفقيرة والمعوزة وذوي الحاجات.

يكتسب الاحتفال بمساعدة الأيتام في الشهر الكريم من قبل الكثير من اللجان المسؤولة عن كفالتهم في الجمعيات الخيرية في محافظة القطيف وقراها أهمية كبرى، فالأيادي البيضاء تدفع بسخاء في الشهر الكريم لمساعدة المحتاجين والفقراء والأيتام تحنناً منهم بهذه الشريحة التي زاد عددهم في مجتمعنا بسبب كثرة المشاكل الأسرية ومشاكل الطلاق التي تغص بها أروقة المحاكم، قال تعالى: «يَسْأَلُونَك مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْر فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين وَابْن السَّبِيل وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْر فَإِنَّ اللَّه بِهِ عَلِيم».

حقيقة القول هي أننا نفتقد اليوم إلى شخص أبي الأيتام الذي يمثل أعظم شخصية بعد رسول الله ﷺ، وأن الأمة الإسلامية أصبحت يتيمة من بعد إستشهاد الإمام علي ، وأن الإسلام وضع جل إهتمامه باليتيم قال تعالى: ﴿فَأَمَّا اليَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ فهذه الآية تنهى عن إذلال اليتيم وقهره والإساءة إليه، وتحث على الإحسان إليه والتلطف معه.