آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 5:41 م

توظيف مصطلح الدوغمائية لا يبرر التماهي مع مواقف المتنمرين او الميكافيليين

المهندس أمير الصالح *

في بعض الاحيان يسجل الانسان خيبة امل في تناقض مواقف بعض الناس ممن يصدعون بشعارات معينة ويمارسون النقيض مما يقولونه. وقد تتكشف هكذا ممارسات هكذا لون بشري سولء بعامل الزمن او مع شدة الملاحظة من المراقب له. فالتجيير لجهود الاخرين او سرقة الافكار او انتهاز المواقف او.. او... هي اللوان مختلفة لتمظهرات التناقضات.

ومن تلكم الاطباف، مثلا، هناك اناس يخشون ان يُنعتون ب الدوغمائية في افاق افكارهم وتراهم في ذات الوقت يهرلون نحو التماهي في مواقفهم المبدئية ويفرطون بمواقفهم الاساسية من اجل دفع التهمة بعيدا عنهم والاصطفاف في بعض الاحيان مع مواقف الجلادين لركائز اصول افكارهم ومباني معتقداتهم التي يصدعون بها ليل نهار بعناوين مختلفة تارة بعنوان الانفتاح وتارة بعنوان المواكبة وتارة بعناوين اخرى. وتبريرهم هو، وذلك حسب ظنهم او كما يبدو، بانهم بهكذا فعل سيجعلون من انفسهم قدوة في الانفتاح الفكري مع الاخر بكل اصنافه!!. لسان حال همس الناس فيما بينهم يقول ”اسمع منك كلام وارى النقيض منه“ او «في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا... الاية». كنت اتسأل كيف يجالس صاحب الشعارات الرنانة في فكر معين مع من يتهكمون على فكره ويتماهى معهم فكرا، مع علمه المسبق بانه لا يوجد اي مساحة للحوار النافع بينهما؟ وهل الدنيا في نظر البعض لعبة ربح وخسارة حتى على خساب المعتقدات والمبادئ الاخلاقية؟ وهل التماهي في نظرهم اقل خسارة لهم اجتماعيا ام انهم يستفزون الاخرين المظهرين على ألسنة الغير بما يدغدغ قناعاتهم الداخلية التي لا يجرؤون ان يصرحوا بها في مجتمعهم لانه ان صرحو بها خسرو اكثر مما ربحو اجتماعيا او وجاه؟!

الاشكال ان بعض اولئك اي المتماهون مع بعض المتناقضين معهم من ابناء ذات المجتمع المحيطون بهم لايرون مدى التخبط الذي يقعون به. حتما يراهم الاخرون في صورة بانورامية شاملة ويشخصونهم على انهم يقولون شي ويمارسون شي آخر او يقولون ما لا يفعلون او يطربون لمن يخربشون في كل اتجاه مشخص بانه الضد. والادهى ان بعض اولئك الرافعون للشعارات الرنانة اخلاقيا او عقائديا من المفترض انهم قد تجاوزوا مرحلة صقل الفكر او صراع الخطوط الايدلوجية او تحديد مسار حياتهم الفكرية. بل بلغ بعضهم من العمر عتيا وقد يلاحظ البعض انهم لا يجيدون توظيف الصمود على موقف ثابت امام من يسقط ركائز شعاراتهم، ولا يجيدون سياسة النأي بالنفس عند حدوث جلسة زار تهكمية على الركائز او مايعتقدون بانه خطوط حمراء بالنسبة لما يدعون بانهم مؤمنين به. بل انهم يتماهون مع المحتفلين في حفلات التهكم ويستمرون في الجلوس وهذا يعطي المتمادي اطمئنانا ودعوة مفتوحة للاستمرار بالاستطاله والتطاول. التذيذب هذا حجر اساس لصنع اي تقدم حتى على مستوى الحوار المثمر والهادف والمختصر للمسافات الزمنية وتشخيص الهويات الثقافية لكل طرف للانطلاق نحو الانتاج بدل الكلك في الكلام واللعب على الحبال المتناقضة من البعض.

المدارسة والمراجعة والمحاسبة ضرورية داخل كل بيت فكري او جماعة انسانبة او مجتمع متحضر او منشد للتخضر وليس سياسة كب العشاء او الجلد الذاتي المفرط او البصق في وجوه ابناء الجلدة الواحدة هو المخرج من مواجهة الازمات. هكذا سلوكيات متناقضة لهكذا اشخاص تحت يافطة اظهار المثاقفة او الادعاء بالاعتدال والموضوعية امام اطراف اخرى قد يكون استغفال للذات ولا يلامس الواقع وقد يفسره البعض بانه احتقار للعقول وزئبقية في شخصية الممارس لها وتذبذب هوية فكرية. وقد يعرفها البعض على انها ازدواجية او قلة ثقة بالنفس. وقد نقول انها نجاح من البعض في استغفال واستدراج البعض الاخر في صراع الديكة اي صراع لعبة الالفاظ والصفات.

سؤالي: على ضوء ما طرح، هل تعتقدون ان لهذا الكلام بعاليه مصاديق في عالم الديوانيات الواقعية والافتراضية «القروبات في وسائط التواصل الاجتماعية» وماهي النسبة المئوية لهكذا اناس في المحيط الاجتماعي او المهني ا؟

نعلم بان معطم الديوانيات الواقعية والافتراضية يكون معظم المتحاورين هم ابناء مجتمع واحد. والحوار الهادف يُبنىبعد تمهيدالارضية لروح الاطمئنان والسعي الحثيث لايجاد النية الصادقة للحوارات الهادفة والهادئة والموضوعية وايجاد اكبر مساحة من المشتركات الفكرية والسعي الامين للحفاظ على البناء الاجتماعي والنقد الموضوعي وترسيخ الاصيل وحذف الدخيل من السلوك او التصرفات او الافكار سواء كان مصدره شرقي او غربي. ان ما يحدث في بعض القروبات هو اقرب الى صراعات ديكة لسانية بالوكالة او لتنفيس عن خلجات واحتقان هذا الفريق ضد باقي المجاميع وتفتقد معظمها الى الهدفية او المعالجات الصادقة.

يتمرجح فيها منسوب الجلد الذاتي بين موسم وموسم صعودا ونزولا في الوقت الذي يعلم كل الاطراف ان هكذا حوارات من خلال القروبات الافتراضية او الواقعية هي ذات سقف محدود ومنخفض جدا.

مع الاسف السمة السائدة الان زيادة البون بين اصحاب الاطياف الفكرية لابناء المجتمع الواحد حتى اضحى كانتونات وكل حزب بما لديهم فرحون ولايوجد قبول من طرف لاطراف اخرى. والمجتمع الذي تزداد فية الاقطاب المتنافرة حتما سيتهلهل ويتفتت ويسهل تهشيمه او توظيف طرف منه ضد الاطراف الاخرى. اكتفي بهذا القدر وللقارئ الحق في التعليق وان شاء نعالج ممارسة سلوكية اخرى في مقال آخر.