آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 1:31 ص

هلال ام نصر

المهندس أمير الصالح *

قد يرد في ذهن القارئ بعجالة اني ساتناول موضوع يتعلق بالرياضة الوطنية في السعودية لكون اسم احدى اشهر الاندية الرياضية هو نادي الهلال والنادي الاخر هو نادي النصر. الواقع ان المقال موجه لجعل ظاهرة رصد الهلال القمري ظاهرة ازعم شخصيا بانه يجب توظيفها لتكون حالة نصر اجتماعي سنوي متجدد. شخصيا انأى بنفسي عن اي جدال داخل البيت الاسلامي لانه الحوار ان تداخلت فيه روح التسقيط او الشخصنة فان الحوار حالة حال المولود المجهض. حال العاام الاسلامي الان وقبل الان غير مرض لعدد كبير من الناس لوجود تفتت حتى داخل الاسرة الواحدة في قرار ثبوت هلال رمضان وقرار ثبوت هلال عيدالفطر فضلا عن امور اخرى. ففي ثبوت الهلال في العالم الاسلامي، هناك جمع من الناس يتبنى رأي المفتي الرسمي في دولته وهناك جمع غفير اخر يتبنى رأي فقيه شعبي وهناك جمع بشري اخر يتبنى رأي فقيه اخر اقل شعبية وهناك من يتبنى رأي اهل الفلك والحساب الفلكي.

سيقول البعض ممن ارتضى الحال المتجسد بانه لابد من تبني سياسة القبول بارض الواقع وقد يبرر او يردد القول بان ما عجزت عنه المشايخ في توحيد الكلمة والفتوى والصف عليه لا يمكن ان ياتي به الفلكيون علاجا ناجعا.

العالم الاسلامي منذ زمن ليس ببعيد تعددت فيه الفتاوي وانشطرت فيه بعض الرؤى لبعض المفاهيم وعلى ضوء ذلك تعددت الوان الاستجابات من ابناء المجتمع للدخول او الخروج من شهر الصيام المبارك بتعدد اراء وفتاوي ومباني العلماء الرسميون والشعبيون؛ وامتد التعدد للأراء حتى داخل البيت الاسري الواحد فضلا عن المجتمع الواحد والوطن الواحد.

طبعا من يتبنى هذا التوجه يقول بان هذا تكليفي الشرعي ويتعبد لوحده كانه يعيش في جزيرة لوحده ويكون اخوه او اباه في ذات المنزل ويتعبد برأي اخر وكأنه يعيش في جزيرة اخرى. وهذا قد يراه البعض بانه خلاف روح القرآن والدين، راجع النص التالي:

«ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم».

ولتوضيح الصورة ساستدعي المثال التالي: من المعلوم بالبداهة ان الاغلب منا يكتب وصيته لمنع الانشقاق داخل البيت الواحد او طرد اي مساحة سوء تفاهم بين الابناء والاباء باي لون كان قد تنشأ مستقبلا. والبعض منا قد يجتهد اكثر ويوزع الحصص من تركته لكل المستحقين من ورثته وهو في كامل عافيته. والبعض الاخر قد يصل به الحرص في منع التشرذم او التفكك الاسري بعقد جلسات اسرية كل يوم جمعة من كل اسبوع على مدار السنة، تجمع ابناءوه وانسابه واحفاده وزوجات ابناؤه ويمرر فيها كل وصاياه واهداف التجمع ويذيب اي سوء تفاهم ويقرب وجهات النظر ويزيد اللحمة الاسرية بين جميع الاطراف.

اضحى من الضرورة الاجتماعية بمكان، دفع وطرد كل مواطن التوتر او التفتت او الاحتقان والتي قد يزيد منسوبها في المناسبات العبادية المرتبطة برؤية الهلال القمري من عدمه، وبغض النظر عن توجهات وقناعات كل فرد من افراد المجتمع. ففي المنظور الحالي ان لم تفعل ادوات الحوار والنقاش الفعال فمن الضروري عدم الاصطدام مع الاخرين سواء المتشددين اليمينيين او اليساريين داخل المجتمع الواحد لان هذا خلاف المقاصد الشرعية لـ صهر المجتمع في عمل عبادي جماعي يزرع الامل و”الوحدة“ و”الاتفاق“ و”الاتحاد“ و”التعاون“ ويرمي الى قيام نهضة.

كمية الوقت المهدر في نقاشات ثبوت او عدم ثبوت هلال شهر رمضان او العيد واهمال مواضيع اكثر الحاحا دليل قاطع، من وجهة نظري، على ضياع البوصلة في ادراج المهم والاهم داخل المجتمع الواحد او عدم تحسس التخديات الكبرى او الهروب للامام عن معالجة الامور الاكثر الحاحا او انه موسم تنفيس الاحتقانات بين اطراف اجتماعية مختلفة بقناع ثبوت او عدم ثبوت الهلال.

لعل الجميع لا سيما المتابعين يعلمون بان المتاخرين من علماء الدين الرسميين والشعبيين يؤكدهم بقبول اعتماد الامضاء في التعبد المنصوص عليه من القرآن الكريم ك الصيام والصلاة بناء على الحساب الفلكي المطمئن اليه.

هذا الفاعل اي الخساب الفلكي ان تم اعتماده في داخل المجتمعات الاسلامبة فانه سيحل احتقانات بين ابناء المجتمع الواحد والمجتمعات المحيطة. ونحن مدينون لكافة علماء الدين والفلك المخلصين في ايجاد كل الوسائل والطرق المؤدية للمزيد من تعزيز اللحمة الاجتماعية.

قد يقول قائل لا للصوت الواحد والحزب الواحد والنظرة الواحدة والحكم الواحد واعلق بان النداء ليس في محله او انها كلمة حق اُريد بها تمجيد الذات. نعم نؤمن بان هناك تعدد في القراءات للنصوص قد تنتج تعدد في الفتاوي لنفس الموضوع، ونؤمن ايضا بتعدد مستوى الاستيعاب بتعدد مستوى النضج الفكري ولكن ليس من المقبول ان ينتقد العقلاء تمزق الاسر في اصعاق الارض بسبب التحلل او الانفتاح المفرط ولا ينتقد ذات العقلاء تمزق الاسر المتدينة بسبب الافراط في الانعزالية التعبدية وتمجيد الرأي ومنها دخول الصيام مثلا لاسيما في البيت الواحد او اتباع المدرسة الفكربة الواحدة او المجتمع الواحد.

الخشية ان يستطيل هذا التشتت فياتي مع قادم الايام من الاجيال من يكفر بكل نماذج التدين القائمة وينفر من الدين بكل الوانه كما نلاحظ بوادره في بعض بقع الارض. وهنا وددت ان اورد مقطع من نموذج خطاب موجه للابناء والاحفاد اقترحه احد الاصدقاء الاعزاء ويتضمن ضرورة الالتفاف حول الحساب الفلكي الموجب للاطمئنان في دخول اي شهر قمري وعدم التشرذم باي حال من الاحوال لاسيما في افضل الشهور عند الله العزيز القدير. وله رساله كاملة في حفظ الهوية والتقوى وفهم فنون التعامل مع الاخرين قد نقف عليها يوما ما.

ختاما، اهمس في اذني واذن من يود ان يسمع بكلام الله:

«واعتصمو بحبل الله جميعا ولا تفرقو».

واسال الله العلي القدير ان نتجاوز جميعا هذه الدوامة الموسمية وتتوجه الطاقات الاكاديمية والعلمية للاتفاق على نموذج ناجح في اقرار الهلال والانطلاق لتسخير الطاقات لحل معضلات وتحديات اكثر الحاحا او دفع خطرا فكريا او دفع عجلة النمو الاقتصادي لابناء ذات المجتمع. واتقدم للجميع متمنيا عيد مبارك وسعيد.

ملحوظة: ارجو ان يدرك البعض ان المقال كتبته بدافع حب جميع اطياف المجتمع وليس فيه اي مساس او انتقاص من اي رأي لاي شخص.