آخر تحديث: 20 / 4 / 2024م - 9:52 ص

شهر ضيافة الله «29»

محمد أحمد التاروتي *

القلوب القاسية دمار شامل على المحيط القريب والبعيد، فارتدادات قساة القلوب لا تقتصر على الدائرة الضيقة، بل تشمل الدوائر الواسعة، مما يشكل خطورة كبرى على التلاحم الاجتماعي، خصوصا وان الاحقاد الداخلية للقلوب القاسية، تترجم على صورة انفعالات غير متوقعة على الاطلاق، مما يجعل الاقتراب من اصحاب القلوب القاسية مخاطرة، على الصعيد الشخصي والاجتماعي، الامر الذي يتطلب اتخاذ الاجراءات الاحتياطية، لتفادي التعرض لاخطار افعال اصحاب القلوب القاسية، ”أَفَمَن شَرَحَ الله صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى? نُورٍ مِّن رَّبِّهِ ? فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ الله أُولَ?ئِكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ“.

خطورة قساوة القلوب تكمن، في الامراض الاجتماعية التي تنشرها، لاسيما وان هذه الفئة تضرب بعرض الحائط جميع المحرمات، وتتجاوز الخطوط الحمراء، نظرا لوجود محركات داخلية تدفع باتجاه ارتكاب أفظع الجرائم، نحو القريب فضلا عن البعيد، الامر الذي يترجم على شكل العديد من المواقف، فالعملية لا تخضع للمبادئ والقيم الاخلاقية، بقدر ما تسيرها المصالح الشخصية المريضة، وبالتالي فان الحديث مع هذه الفئة لايقاف الاعمال غير المبررة، بمثابة مضيعة للوقت.

الانغماس التام في السلوكيات المنحرفة، يقضي على شجرة الرحمة في القلوب، بحيث تبدأ الجوانب الانسانية في التراجع التدريجي، لتحل مكانها الاعمال الشيطانية، وبالتالي الأقدام على مختلف الاعمال الوحشية دون خوف او وجل، خصوصا وان الخطوة الاولى باتجاه الشر تمثل بداية الطريق نحو قساوة القلوب، لاسيما وان البعض يحاول اسكات الضمير الحي، بمزيد من الاعمال الشريرة، باعتبارها الوسيلة للهروب للامام، ”وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ? إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ“.

الامراض النفسية احدى الاسباب وراء قساوة القلوب، فالبعض يحاول اخفاء تلك الامراض بواسطة الاعمال الاجرامية، خصوصا وان الاحقاد التي يحملها هؤلاء تجاه بعض عناصر المجتمع، او المجتمع بأسره، تدفع باتجاه ارتكاب بعض الاعمال الانتقامية، بحيث لا تتوقف عند مستوى معين، فهي مفتوحة على مصراعيها لكافة الاحتمالات، فتارة تكون عبر اثارة الدسائس الداخلية، واثارة البلبلة في النفوس، لزرع بذور الخلافات بين الناس، وتارة اخرى تكون بفتح الطريق لإطلاق اليد لتدمير القريب قبل البعيد، من خلال الأقدام على ممارسات خارجة عن المألوف.

تقوية الجانب العبادي، والارتباط الكامل مع الخالق، يمثل احدى العوامل المساعدة في القضاء على قساوة القلوب، خصوصا وان الخشية من الخالق، والعمل لنيل رضوان الله، يسهم في انتهاج الطريق السليم، الامر الذي يتمثل في الابتعاد عن ارتكاب الاعمال السيئة، مما يساعد في تصويب العلاقات الاجتماعية، ويسهم في اقتلاع بعض الممارسات غير السوية، ذات الأثر السلبي على مستقبل الفرد في المجتمع، لاسيما وان تدهور القيم الاخلاقية، ينعكس بصورة مباشرة على انتشار الفوضى، في البيئة الاجتماعية.

تبقى القلوب القاسية احد الامراض البشرية الخطيرة، مما يتطلب وضع البرامج القادرة للقضاء عليها والتقليل من ارتداداتها، من اجل صلاح الفرد اولا، والمجتمع ثانيا، لاسيما وان اتساع دائرة قساوة القلوب، لا يخدم المسيرة البشرية في عملية الاصلاح الشامل، واعادة تنظيم العلاقة مع، الله وترتيب البيت الداخلي للبيئة الاجتماعية، الامر الذي يستدعي الاستفادة من شهر رمضان المبارك، لازالة النقاط السوداء من القلوب، لاسيما وان الشهر الفضيل يعطي الانسان مساحة واسعة للعودة الى الخالق، عبر الصيام ومجموعة الممارسات العبادية المختلفة، ﴿فسلوا الله ربكم بنيات صادقة، وقلوب طاهرة أن يوفقكم لصيامه وتلاوة كتابه فإنّ الشقي مَن حُرِم غفران الله في هذا الشهر العظيم.

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 1
1
خادم الزهراء
[ جزية تاروت ]: 4 / 6 / 2019م - 3:37 م
اللهم عجل فرج أمامنا قائم ال البيت أمل المستضعفين والمساكين والمحرومين والشرفاء والأمينين الذي لا يقبلون الحرام()
كاتب صحفي