آخر تحديث: 25 / 4 / 2024م - 9:08 م

أضلاع المسؤولية الاجتماعية

أمين محمد الصفار *

ثلاثة أضلاع مهمة تقوم عليها التنمية الاجتماعية هي: القطاع العام «الخدمي»، والقطاع الخاص «إدارات المسؤولية الاجتماعية»، والقطاع «غير الربحي بكل تفرعاته» المسمى بالقطاع الثالث. كل هذه القطاعات لديها وعليها ملاحظات ووجهات نظر مختلفة تجاه بعضها البعض، وباستعراض بانورامي سريع يمكننا استعراض النظرة السائدة لهذه القطاعات أو الأضلاع الثلاث تجاه بعضها البعض.

فالشركات الكبرى خصوصاً يقع عليها ويتجه إليها العبئ الأكبر في المسؤولية الاجتماعية. ويبدو حتى الآن ان الطموح والآمال أقل كثيرا من الإنجاز من وجهة القطاع الثالث وحتى من القطاع العام ربما. فهي عادة إذا ما تحركت وساهمت فهي تتوجه لأنشطة ليست ذات صبغة اجتماعية تمس الجانب الذي يراه ويقدره المجتمع. القطاع الخاص بشكل عام يقول انه يساهم مساهمات كثيرة وأنه داعم قوي ولكن في أنشطة محددة وبرامج مدروسة ذات مواصفات وشروط قد لا يعلمها إلا قطاع الخاص نفسه، وهو بشكل عام أيضا يرمي العبئ على المجتمع ومؤسسات غير المنظمة... الخ.

بينما ينظر المجتمع والقطاع الخاص إلى أن القطاع العام الخدمي لديه قصور وتقصير واضح في مستوى جودة الخدمات التي يقدمها للمجتمع، وهذه الجهات الخدمية قد تعترف بالتقصير احيانا إلا انها تتذرع بالأنظمة والإجراءات والصلاحيات، وتلقي اللوم أيضا على عدم تعاون المجتمع وعلى غياب أو ضعف دور القطاع الخاص في تحمل مسؤولياته.

تقع تبعات هذا النوع من تقاذف المسؤولية عادة على القطاع الثالث الذي لا يجيد الدفاع عن نفسه كما لا يجد من يدافع عنه،

لكن لعل أسوأ الأمثلة التي يمكن أن نتخيل أن يقع فيها نموذج المسؤولية الاجتماعية هو في وجود مؤسسات مجتمع مدني غير قادرة على تفعيل دورها كوسيط بين هذه الأضلاع وتعمل بشكل منفرد أو شبه منفرد، وقطاع خاصة يهتم بالجانب الإعلامي دون اعتبار لواقع نشاطه الخاص بالمسؤولية الاجتماعية، وجهة خدمية اقتصرت دورها على منح التراخيص والدعاية لنفسها عبر رعاية بعض الأنشطة الناعمة.

أن تشويه فكرة الرعاية عبر تجيير جهود المتطوعين لصالح الجهة الراعية فقط هو سلوك خاطئ، سوف يقضي مع الوقت على حماس المتطوع بل على مبدأ التطوع كله لدى الفئات الشبابية خصوصًا وتشويه مفهوم العمل التطوعي الذي يتأثر بأي خلل في أضلاع العمل التطوعي الأخرى.

لا أرى الأمر بهذه الصورة القاتمة، لكن يقول بعض الأصدقاء بأن الدور الذي يمارسه بعض الإعلاميين في تحويل أخطاء بعض الأجهزة وكأنها ميزات وحسنات تحسب لهذه الأجهزة الخدمية هي مثل أعمال بعض مشاهير وسائل التواصل الاجتماعي الذي يعلن عن بضاعة دون النظر إلى حقيقتها، ويبالغ البعض في اعتبار هذا النوع من الأداء هو نموذج مطور لفكرة رفع المصاحف التي وردت في التاريخ. أننا نحتاج أن نركز في البحث عن النقاط الإيجابية التي تستحق ان تُدعم ويبنى عليها وليس التركيز على الهوامش مثل تلك الفلاشات الإعلامية التي لا تعكس الواقع وتسبب التشويش وتستهلك الجهد.

أن تطبيق النموذج النظري للمسؤولية الأجتماعية الذي اثبت نجاحه وفاعليته في مجتمعات وبيئات مختلفة يحتاج إلى إعادة هندسة وإجراء الفحص الدوري بين أضلاع المسؤولين الأجتماعية لتمتين العلاقة بينهم، وهذا هو السبيل الأمثل للتحسين والتطوير في مجال المسؤولية الاجتماعية وضمان فاعلية الأداء. أن الطموح الأكبر الذي ننشده هو في دعم التنمية من خلال تطبيق علاقة نموذجية قائمة على التنافس التكاملي بين القطاع العام والقطاع الخاص مع القطاع الثالث وليس تقاذف المسؤولية أو تجيير جهود المتطوعين لصالح الجهات الراعية.