آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 2:22 م

محطة ترانزيت في منطقة شينغن الأوربية

المهندس أمير الصالح *

في احد الايام الماضية، وبعد هبوط طائرة الخطوط الجوية الكندية متاخرة بحوالي اربعون دقيقة عن الوقت المحدد للوصول في الرحلة المقلعة من مدينة مونتريال والهابطة بمدينة برشلونة الاسبانية القابعة باحضان منطقة الشينغن الأوربية، وجدت العائلة الشرق اوسطية حاملة الجوازات ذوات اللون الفلاني، والمكونة من اب وام وولد صغير وبنت صغيرة، وجدت العائلة نفسها في دوامة وازمة حقيقية بسبب تاخر رحلة الوصول لـ نقطة الرحلة الترانزيت واقلاع الرحلة المجدولة لـ رحلة العودة للوطن؛ ورحلة الترانزيت رحلة من مطار برشلونة الى مطار أسطانبول ثم رحلة اخرى من مطار اسطانبول الى مطار مدينة الاسرة الشرق اوسطية عبر الخطوط الجوية التركية. فوجئ جميع الركاب الترانزيت من كل الجنسيات بعدم وجود اي منسق او ممثل من الخطوط الجوية التركية او الخطوط الجوية الكندية عند صالة الوصول الدولية الداخلية في ارض المطار بمدينة برشلونه لتلافي ومعالجة تبعات التاخير التي حلت بالركاب الترانزيت نتيجة لـ التاخير الصادر عن الناقل الجوي. وقع رب الاسرة في حيص بيص لا يُحسد عليه، اذ لا يوجد وسيلة او جهة لاستخراج كوبون تذاكر جديدة ولو بتصدير تذاكر جديدة.

لم يخلد في ذهن رب الاسرة ذو الخبرة الطويلة في السفر انه يستوجب عليه ان يدخل الاراض الاسبانية لاستصدار كوبونات تذاكر جديدة عن طريق الشراء او المطالبة ولم يجد الركاب الترانزيت امامهم اي موظف يمثل الشركة الناقلة ولا يستطيعون استصدار تذاكر لهم من داخل صاله القدوم/ الترانزيت الدولية بارض المطار. وبعد محاولات عديدة من رب الاسرة للبحث عن حل هنا وهناك، وجد رب الاسرة احد موظفي المطار يرشده بالقول له، عليك الاستئذان من احد ضباط الجوازات بالدخول لصالة المغادرة الخارجية حيث مكاتب تمثيلية لمعظم الخطوط الجوية واشار بيده لكابينة ضابط اسباني للتوجه اليه. وعند التوجه بكامل الاسرة لـ ضابط الجوازات، طلب الضابط الاسباني كامل الجوازات للاسرة وبعد تصفح الجوازات من قبله ختم جواز رب الاسرة فقط لوجود فيزا شينجن وقال لهم مافحواه: ”بقية الاسرة لايمكنهم الدخول لاراض اسبانيا لعدم وجود فيزا شينغن سارية المفعول في جوازاتهم“. هنا وقف الاب حائرا لمفاجئة وقسوة الموقف وانفصال افراد اسرته قهرا وفي ذات الوقت حمد الله وشكره لوجود فيزا الشينغن في جوازه واحراز دخوله للاراض الاسبانية لتسهيل الوصول لمكتب الخطوط الناقله من خلال الدخول للاراضي الاسبانية ومعالجة كامل الموضوع والاعراض عن الهرولة هنا وهناك بداخل صالة القدوم / الترانزيت دونما نتيجة فاعلة.

وفي تلك اللحظة استجمع الاب قواه الفكرية وودع زوجته وابنه الصغير وابنته الصغيرة وترك معهم جوازاتهم وترتيبات مالية كافية وارشد الام لسيناريو التفاعل فيما لو تعقد الموقف لما هو خارج نطاق الحسبان، ثم انطلق الاب نحو الدخول للاراض الاسبانية.

عند دخول البلاد وفي ارض المطار بحث رب الاسرة يمينا وشمالا في صالة المغادرة الخارجية حيث مكاتب الخطوط، فوجد مكتب الخطوط التركية مغلق ومعلق عند نافذة المكتب رقم هاتف للتواصل. اشترى الاب من ارض المطار شريحة هاتف ذكي برقم اسباني وتواصل مع الرقم المودع على نافذة مكتب الخطوط التركية. اخبرته الموظفه الموكلة على الرد الهاتفي بان عليه شراء تذاكر جديدة من برشلونة الى محطته المبتغاه. مسح الاب الاسعار من مكاتب الخطوط المفتوحة في الصالة ك الخطوط الاماراتبة وغيرها، فكان السعر الاجمالي للتذاكر باهظ جدا لاسيما انه موسم الذروة في الاجازات حيث الصيف. تساءل الاب بينه وبين نفسه عن الحلول الاخرى الممكنه، فاعاد التواصل مع مكتب الخطوط الجويةالتركية، فاخبرته موظفة الرد الهاتفي بانه يمكنه التواصل مع الخطوط الجوية الكندية فهم من تسبب له في كل هذا الذي هو واسرته فيه. وبعد الاستفسار عن مكتب الخطوط الجوية الكندية، تم ارشاد بعض الموظفين بالمطار بان مكتب التمثيل اللوجستي للخطوط الكندية هو مكتب swissport. وتم ابلاغ الحالة في مكتب swissport واستغرق وقت يناهز ثلاث ساعات لاعادة اصدار تذاكر بديلة على نفس المسار والانطلاق في نفس اليوم نحو اسطانبول. لقد كانت ساعات ترانزيت مملوءة ب التاخير والبهدلة والقلق وفصل اعضاء الاسرة بين شرقستان وغربستان وتطورات افسدت اجواء رحلة استجمام؛ وهذا الحدث ذكر الاب بفيلم The Terminal الشهير والمنتزع من قصة واقعية. لاحظ رب الاسرة ان الركاب الاخرون من حملة الجوازات ذوات الالوان الزرقاء والحمراء قد دخلوا لارض اسبانيا واستحصوا تذاكر اركاب لمحطاتهم المقصودة دونما وقوع اي انفصال لافراد اسرهم!.

محطة الترانزيت التالية ستكون مطار استطانبول ونسأل الله لهم السلامة والتسهيل والرحمة. سنتجاوز الكلام عن العفش لانه لم يُعرف ولم تتضح بعد مصير شنط العائلة حتى ساعة كتابة المقال وسيتم تسجيل حالة فقدان لكامل الحقائب فور وصولهم لارض الوطن سالمين.

دروس مستفادة عند السفر في المواسم المكتظة واوقات الذروة ووجود محطات ترانزيت في الرحلة لاسيما في منطقة الشبنغن الاوربية:

- محاولة تجنب تعدد المحطات والالتزام قدر الامكان بالخط المباشر للمحطة المقصودة لاسيما في حالة وجود خط جوي مباشر.

- تاكد من وجود وقت كاف بين الرحلة الواصلة ورحلة الترانزيت المنطلقة لتلافي اي طارئ في حالة وصول الرحلة الاولى متاخرة مما ينتج توليد ضغط نفسي على المسافر وهي اخطاء ارتكبها اخرون. يُنصح بترك 3 ساعات او اكثر لمحطات الترانزيت في حالة المطارات الكبرى لتباعد مناطق الاركاب داخل منصات المطار الواحد ولتلافي اي هدر للوقت صادر من الناقل الجوي.

- تاكد من الالتزام بناقل جوي ذو سمعة رائدة ويفضل ان يكون الناقل الجوي لكامل الرحلة ناقل واحد لتجنب ما يسمى ب sharing code.

- تفعيل خاصية ”توقع ما لا يتوقع“ فان هذا يقلل من حجم الصدمات ويحفز لتخطيط فعال.

- من الجيد حمل فيزا كل الدول التي ستطئها خلال الرحلة لان هذا سيحل مشاكل التعليق في صالات المطارات.

- القانون في مجمله اعمى ولذا من الفطنة تلافي اي مشكلة من خلال الاطلاع العام بالقراءة الشخصية والتثقيف الذاتي وليس الاعتماد فقط على ما يقوله موظف الخطوط الفلانية او مكاتب السفريات فقط. فالقوانين الظابطة لـ السفر الجوي متغيرة بوتيرات مختلفة في مناطق مختلفة لا سيما منطقة شينغن.

- في عالم اليوم هناك جوازات تمر بمحطات دول كثيرة دون الحاجة لـ فيزا وهناك جوازات لا يمكنها ذلك، ولذا من الجيد المعرفة الكاملة عن حدود قبول الدخول في ارض دول الترانزيت قبل السفر.

- يُنصح بالحصول على فيز دخول متعددة قبل دخول موسم الاجازات والسفر ورسم خطط الاجازات بدقة لتلافي ما يعكر صفو رحلات الاستجمام.

- من الجيد ان يكون المسافر في حالة تنسيق متواصل مع احد افراد اسرته من اخوان او ابناء عم او خال / اصدقاءه المقربين في وطنه الام لمعالجة اي وضع طارئ او مكروه او تعرض لسرقة قد يحدث له لا سامح الله او اللجوء للجهات الرسمية.

جميل ان تُثرى ساحة المجالس والديوانيات بخبرات ادارة المواقف الصعبة وامور الحياة الفعلية بدل الكلام فيما لا يغني ولا يسمن من جوع.