آخر تحديث: 20 / 4 / 2024م - 3:27 م

الفزعة

محمد أحمد التاروتي *

يعرف معدن الانسان في المواقف الصعبة، حيث تتجلى الشهامة، وتترجم الاقوال الى افعال على الارض، لاسيما وان الشدائد تكشف الانسان الصادق من الكاذب، ”عند الامتحان يكرم المرء او يهان“، فالمرء الذي يتقدم الصفوف في الازمات، يجد الاحترام الشديد، والتقدير من البعيد قبل الصديق، واحيانا يحظى بثناء العدو قبل الصديق، خصوصا وان الافعال الصادقة تفرض احترامها على الجميع، فيما لا يجد المتخاذل سوى التقريع، والتحقير من القريب، والبعيد على حد سواء.

الازمات الشديدة التي تواجه الانسان في حياته، تضطره لمد يد العون من الاخرين، لاسيما وان تقلب الاحوال في الدنيا تدفع للاستعانة بالاخر لمواجهة الصعاب، ”سبحان مقلب الاحوال من حال الى حال“، وبالتالي فان الاستجابة السريعة لنداء الاستغاثة من الاخر، تجد إكباراً لدى الجميع، لاسيما وان المرء لا يعرف مصيره في الدنيا، بحيث يمسي غنيا ويصبح فقيرا، والعكس كذلك، مما يستدعي وضع هذه التحولات الدنيوية في الاعتبار، من اجل التعاطي المسؤول مع احتياجات الاخرين، ”كما تدين تدان“، ”من قضى لأخيه المؤمن حاجةً، قضى الله تعالى له يوم القيامة مائة الف حاجة من ذلك أولها الجَنّة“.

الرغبة الصادقة، والابتعاد عن التصنع، في تقديم الخدمة للاخرين، عناصر اساسية في استمرارية هذه السلوكيات الانسانية، خصوصا وان التصنع يقتل صاحبه ويمنعه من مواصلة المشوار حتى النهاية، فالبعض يتحرك استجابة للضغوط الاسرية او القبلية او الاجتماعية، مما ينعكس على نوعية الخدمة المقدمة، فهي لا تتجاوز الاعمال الظاهرية والمتواضعة للغاية، كنوع من إبراء الذمة واسكات الأصوات الاجتماعية، وبالتالي فانها لا تترجم على السلوك العملي في المشوار الحياتي، مما يجعلها محطة مؤقتة سرعان ما تتلاشى مع اختفاء الضغوط الداخلية او الخارجية.

فيما الرغبة الصادقة والحقيقة، لتقديم الخدمة للعناصر المحتاجة، تتجلى في طريقة التعاطي مع الاحداث الطارئة، فأصحاب هذه السلوكيات لا ينظرون الثناء والتقدير من الاخرين، للمسارعة في انتشال الاخرين من مستنقع الفاقة والحاجة، حيث يعمدون للتحرك الذاتي والحرص على تقديم الخدمات على الوجه الأكمل، وفقا للإمكانيات والقدرات المعنوية والمادية، نظرا لوجود وعي تام بضرورة التكاتف، والتعاون لتجاوز الأزمة، بشكل يحقق المصلحة المشتركة للفئات الاجتماعية المتضررة.

الفزعة ثقافة فردية واجتماعية في الوقت نفسه، فالعملية تنطلق من الذات في المرحلة الاولى، بحيث تشكل سلوكا اجتماعيا ظاهرا، الامر الذي يسهم في تكريس هذه الثقافة في الوسط الاجتماعي، من خلال الممارسة العملية لدى العديد من الشرائح الاجتماعية، بحيث تتلمس على شكل مبادرات فردية، سرعان ما تتحول الى نشاط اجتماعي، لدى مختلف الفئات الاجتماعية، وبالتالي فان انتشار ثقافة الفزعة مرتبطة بمدى استيعاب البيئة الاجتماعية، لهذه السلوكيات الداعمة للحاجة الملحة، التي تكابدها بعض الفئات بين فترة واخرى.

نجاح ثقافة الفزعة يعكس مستوى الوعي لدى المجتمع، فهناك الكثير من المبادرات وجدت طريقها للاندثار، جراء محدودة الاستجابة الاجتماعية، فيما تكرست مبادرات اخرى في الوسط الاجتماعي لسنوات عديدة، نتيجة الاحتضان الكبير من مختلف الشرائح الاجتماعية، الامر الذي يستدعي وضع برامج قادرة على رفع مستوى الوعي، لتكريس هذه الثقافة لتكون رافدا اساسيا، ومركزا للطوارئ لتقديم المعونة في أوقات الشدائد، التي تعيشها المجتمعات البشرية بين فترة واخرى.

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 1
1
البحر الميت
[ جزية تاروت ]: 24 / 6 / 2019م - 10:04 م
استاذنا الكريم لقد ضربت على جرح عميق لولا لطف الله (الى من وثقنا بهم)لصرنا منحرفين وكذالك أسرتنا لحقتنا في نفس الطريق طريق الانحراف ولا اجتمعنا مع اصدقاءنا في قعر جهنم وتحاورنا من هو السبب الذي اوصلنا معاً في قعرها وقلنا الى ربنا ربنا انحرفنا بسبب كبارنا كيف يكونون معنا لابد ان ينالهم اشد العذاب لانهم السبب في انحرافنا()قصه قصيره()كان ياماكان في قديم الزمان رجل كريم يهدي الفاسقين الى طريق الصراط المستقيم وبعد ان يهتدي الفاسقين الى الصراط المستقيم يحدون حدو الرجل الكريم ومرت الأيام ونزل الملائكه من السماء فصاروا يعملون في التجارة وزعل الرجل الكريم كيف يكون الملائكه تجار ونحنوا مديونين ولاكنه ليس عاطل مثل المهتدين(الفاسقين)تعجب المهتدين من الرجل الكريم وفسق الملائكه وألرجل وبعض من المهتدين ووو
كاتب صحفي