آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 12:54 ص

الأمر الواقع

سلمان العنكي

نسمع ب «الأمر الواقع» او فُرض على فلان امرواقع... فما هو الامر الواقع؟ وماحقيقته؟ وماهي مجالات الخضوع له؟ وهل هي مطلقة؟ اويجب رفضها في حالات؟ والتخلص منها في اخرى؟

الامر الواقع يعني ان امراً مامطبق ومفروض ومعمول به على ارض الواقع ولكن ليس بالضرورة يكون مقنناً. وهو المعني هنا وقد يسود على القانون وليس العكس ويصل عند البعض ان معارضته حتى بالتشريع خروج وانقلاب عليه وغير ممكن قبوله..

وهناك من أمور واقع ملتزم بها المجتمع وان برزت حقائق تصحيحية لها. هي مرفوضة ويجب التمسك بالواقع ومحاربة من يخالفه وان بانت الاخطاء والسلبيات فيه لانه يستمد شرعيته من المجتمع لا لأن المتمسكين مقيدون عن تغييره لكنهم مصرون على البقاء التقليدي عليه والاعتقاد به. وحالات كهذه لاتكون مقبولة عندالعقلاء واصحاب الرأي.

بل تُعتبر مواقف همجية واستسلامية لافكار هدامة رجعية. وان كان فارضها من اصحاب العلم والمكانة الاجتماعية والمعرفة.

اما اذا غير ممكن الخروج عليها حقيقة. وقد يحصل ذلك احياناً. فذاك له شأن ومخرجات اخرى، ومع ذلك هي مقيدة ويجب الوقوف بوجهها، ولا أقل من الإنكار عليها وفتح ثغراتها حتى تُبدد اذا وصلت الى تعطيل مصالح المجتمع اوالاضرار به تركها تستمر واقعاً مريراً ظلماً.

هناك مَن استغل ثقة المجتمع وبساطته؟ فاتبعوه فيما يقول ويأمر. فهم وهو كالسامري. اتبعوا عجله واقعاً وتركوا هارون وامره ونهيه تشريعاً، وفي بعض المجتمعات من يشابههم ويحذو حذوهم.

من هنا نقول ليس كل واقع يجب ابقاؤه أواتباعه. متى اتضحت اخطاؤه ومخالفته للقوانين او للمعتقدات ومنطق الشرع. وجب علينا تغييره. ولانقول هذا واقعنا المحتوم. أونقول كما قال من سبقنا «إنا وجدنا ءاباءنا على امة وانا على ءاثارهم مقتدون» من اية 23 الزخرف.

علينا ان نتخذ موقفاً من هذا الواقع ونقيمه هل ضار اوغيرضار؟ أو تجب ازالته؟ واذا غير ممكن. لا اقل من ترك التعامل معه، إلى ان يتحول إلى جزئيات يقل انصاره ولايمثل قوة تبقيه وتحافظ عليه.

نحن في عصرنهضة حقيقية باينة المعالم. وشرع وقانون وسلطة تحمي الحقوق، وبعض مايسمى بأمر واقع يضيّعها ويخيف من يطالب بها وهذا غير صحيح. كم من واقع باستطاعتنا تغييره؟. مثلاً بعض الورثة يتسلط على التركة ويبرز نفسه كقوة امرواقع والبقية تسلم به ظناً منهم عدم القدرة على تغييره، هذا غير صحيح. من يرى له حقاً لايخاف متسلطاً ولايستسلم للواقع الوهمي المفروض. بل عليه اختراقه فجميع الحقوق مُصانة. ومايفرضه هذا لامعاً ولامكانة له.

الزوجة عليها ان تطالب بحقوقها ولاتخشى زوجاً فرض امراً واقعاً عليها واستغلها لضعفها اولوجود ابناء لها منه يهدد بأخدهم. اويهددها بفضائح لم ترتكبها. ويتسلط على اموالها الخاصة. او لبساطتها وعدم وجود من يقف الى جانبها. وبواقعه يخضعها له ويضيّع حقوقها. عليها ان لاتخاف ففي التشريع حماية لها ولحقوقها. عليها ان تتفهم وتترك الخوف جانباً. الى ان تستوفي حقها غير منقوص. ولن ينفع المتسلط واقعه. أما إن بقيت مستسلمة واعتقدت من المستحيل التغيير. أو ان الخروج عليه جريمة. تكون هي من ضيعت فلاتلومن الانفسها.

من هنا نخلص بان التسليم بكل واقع والاعتقاد باستحالة تغييره غير صحيح في الغالب. مع الوعي والاصرار نستطيع التخلص من الكثير منها. مهما كانت هوية ومكانة المتسلط. كم مِن واقع احاط بقيوده على الرقاب لعقود؟ ولما شد المجتمع العزم في ساعات كسرها واقبره. وتحرر.