آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 4:57 ص

الميول.. الصقل

محمد أحمد التاروتي *

تشكل الميول ابرز المحفزات للانخراط، والابداع في مختلف المجالات، فعندما يعشق المرء احد الاعمال، فانه يتفانى في عمله، ويصرف جل وقته، في سبيل التعرف على جميع التفاصيل الدقيقة، خصوصا وان التبحر في الامور الدقيقة يحدث الفرق الاشخاص في التخصص الواحد، الامر الذي يفسر الفوارق الكبيرة بين الشخص المحترف والاخر الهاوي، فالاول يجد المتعة في الانغماس الكامل في تفاصيل تلك المهنة، باعتبارها مصدر رزقه والسبيل الوحيد لتفجير الطاقات، من اجل خدمة ذاتيه وتكريس كيانه الخاص في المجتمع اولا، وتقديم خدمات جليلة للمجتمع ثانيا، من خلال الابداع والابتكار المستمر، مما ينعكس ايجابيا على تطوير الذات، والنهوض بالمجتمع في الوقت نفسه.

اكتشاف الميول تختلف باختلاف الاشخاص، فالبعض يضع هدفا محددا منذ الصغر، ويستمر في الاصرار على تحقيقه، ومواجهة مختلف الضغوط الاسرية والاجتماعية، نظرا لوجود عشق كبير لتحقيق الهدف المرسوم، الامر الذي ينعكس على طريقة التفكير، والية العمل في سبيل الوصول للهدف المنشود، فيما لا يكتشف البعض الاخر الميول الا متأخرا، نتيجة بعض الظروف القاهرة طورا، واحيانا جراء الاحتياجات الذاتية او الاجتماعية، الامر الذي يدفعه باتجاه تجيير الظروف لخدمة الهدف المرسوم، من اجل إتقان العمل والاحتراف في المجال وفقا لتلك الميول الشخصية.

الابداع والاتقان ليس مرتبطا بالفترة الزمنية، لاكتشاف الميول الذاتية، فالمرء قادر على الامساك بزمام الامور، مع وجود الارادة الصلبة والرغبة الصادقة، وبالتالي فان القدرات الذهنية وسرعة الالتقاط تشكل عناصر اساسية في سرعة الاتقان، والدخول في عالم الاحترافية الكاملة، لاسيما وان قدرة الانسان على التعلم لا تتوقف عند مرحلة زمنية محددة، فهي مستمرة على مدى الحياة، بمعنى اخر، فان العبرة ليست في الاكتشاف المبكر للميول في احيانا كثيرة، وانما في القدرة على الانسجام الجسمي، والعقلي مع تلك الميول، من اجل احداث الفرق الكبير في طبيعة التفكير، بما يحقق تطوير واحترام الذات وخدمة الوسط الاجتماعي.

الطبيعة البشرية تتفاوت في الميول، اذ من الصعب توجيه الجميع في اتجاهات محددة، خصوصا وان الاحتياجات الانسانية تشكل عنصرا مساعدا، في توجيه الاهتمامات لدى الاشخاص، فالبعض يحاول استغلال الظروف الزمانية والاجتماعية لركوب الموجة، بحيث تترجم على شكل ابتكار بعض الميول الملحة لدى البشر، سواء لتحقيق مكاسب شخصية، او لمساعدة البيئة الاجتماعية، بيد ان تلك الظروف الاستثنائية تشكل دافعا للانخراط، بشكل كامل في عالم الاحترافية، مما ينعكس على صورة مشاريع قادرة على احداث الفرق في المجتمع، خصوصا وان القدرة على الالتقاط وتوظيف الاحتياجات، تسهم في بروز اشخاص بشكل صاروخي في غضون فترة قصيرة.

صقل الميول عامل حاسم في النجاح والتميز، والاستمرار في العطاء لفترة طويلة، خصوصا وان الافتقار للاحترافية المطلوبة يعطل الكثير من الطاقات، ويحرم الاشخاص من الاستفادة المثلى من الميول الذاتية، فضلا عن حرمان المجتمع من كفاءات قادرة على التطوير والعطاء، بما يساعد على مواصلة النجاح في مسيرة النهوض الشاملة.

الميول تمثل بذرة اساسية لاكتشاف الطاقات الذاتية لدى الانسان، بيد ان الاكتفاء بالميول بدون الانخراط الكامل في صقلها، عبر يستدعي المزيد التدريب والتطوير المستمر، يسهم في احداث نتائج عكسية على مسيرة الانسان في الحياة، مما يقود لحالة من الانكسار النفسي جراء النظرة الاجتماعية السلبية.

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 1
1
جواد المعراج
[ القطيف ]: 30 / 6 / 2019م - 9:27 م
دائما مقالاتك مفيدة ومتميزة يعطيك العافية.. الكاتب المتميز والنشط
كاتب صحفي