آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 5:41 م

الانجازات.. الأرقام

محمد أحمد التاروتي *

لغة الأرقام تفرض نفسها على الواقع، باعتبارها الفصيل والحقيقة الدامغة على ترجمة الخطط، والمشاريع على ارض الواقع، فضلا عن كونها صفعة في وجوه جميع الأبواق المشككة، او الساعية للاصطياد في الماء العكر، من خلال تزييف الحقائق، ونشر الكثير من الاكاذيب والشائعات، خصوصا وان النجاح يسبب غصة في نفوس الاطراف الحاقدة او المنافسة، مما يجعلها غير قادرة على ابتلاع الانجازات، والتحرك للتقليل من شأنها، او محاولة دفنها بصورة مباشرة او غير مباشرة.

اعتماد لغة الأرقام سياسة ناجحة، في اسكات جميع الأصوات النشاز، لاسيما وان الانجازات تمثل الحكم في مختلف الامور، فالعبرة بالافعال وليس بالأقوال والوعود، التي تطلق في مختلف المناسبات، وبالتالي فان ترسيخ الأقدام يعتمد على حجم الانجازات على الارض، خصوصا وان الفشل في اظهار الانجازات بمثابة الضربة القاضية، حيث يحاول المنافسون المراهنة على لغة الأرقام، في اظهار مصداقية الدعاوى تجاه الطرف الاخر، مما يستدعي وضع هذه اللغة في الاعتبار، لمواصلة المشوار حتى النهاية.

ثبات الأقدام وسط الافخاخ المنصوبة في الطريق، يعتمد على امكانية تجاهل تلك المطبات الاصطناعية والتركيز على العمل، خصوصا وان تشتيت الذهن عبر الاهتمام بالصراعات الجانبية، يسهم في عرقلة الكثير من المشاريع والخطط المرسومة، مما يقود لصعوبة تطبيق تلك المشاريع، وفقدان السيطرة للامساك بزمام الامور، وبالتالي الاذعان لارادة الاطراف المنافسة، وعدم الاصرار على تحقيق الانجازات على الارض، خصوصا وان العملية مرهونة بالقدرة على تجاهل جميع الصراعات الهامشية، ومحاولة معالجة عبر التعامل معها بلغة الأرقام.

افتعال المشاكل الجانبية طريقة معتادة، لعرقلة جهود العناصر الفاعلة في المجتمع، فالبعض ينظر بعين الحسد للجهود الساعية لاحداث تغييرات حقيقية، باعتبارها ممارسات ذات اثر سلبي على المكانة الاجتماعية، فضلا عن سحب البساط من تحت الأقدام، خصوصا وان المجتمع يتعامل مع لغة الأرقام، وحجم الانجازات في الدرجة الاولى، الامر الذي يفسر المحاولات المتكررة، لتعطيل حركة العطاء من اجل عرقلة بروز بعض الشخصيات، كبدائل قادرة على احتلال المواقع الحقيقية، عوضا من الحرس القديم الذي يحاصر المشاريع ذات الأثر الفعال، على المسيرة التنموية الاجتماعية بمختلف الوسائل، واستخدام كافة الأسلحة للوصول الى الغايات المنشودة.

المراهنة على المجتمع في توجيه البوصلة، بالاتجاه الصحيح امر مطلوب، خصوصا وان مواصلة الخداع والتشكيك في حجم الانجازات، غير قادرة على حجب الحقيقة بالغربال، فالمجتمع قادر على اكتشاف الحقيقة عبر العديد من الوسائل، منها تلمس الانجازات عن قرب، وكذلك التعرف على الحقائق بطريقة مباشرة، الامر الذي يفسر المحاولات الحثيثة، لخلق حواجز مادية ونفسية، للوقوف امام التحركات الجادة لجلاء الحقيقة، وكشف الزيف وتفنيد الشائعات، التي تستهدف العناصر العاملة في صالح المجتمع، باعتبارها احدى الوسائل لإخفاء الحقيقة، وابقاء الجهل لدى غالبية المجتمع.

ترك لغة الأرقام تتحدث عن نفسها سياسة صحيحة، فعلى المرء يعمل ويترك الانجاز يتحدث بطريقة مباشرة او غير مباشرة، فمهما بلغت الحرب الدعائية فانها غير قادرة على الصمود في وجه الارقام، مما يجعل الجميع يسلم بالواقع، ويترك الدعايات المغرضة وراء الظهر، باعتبارها اكاذيب غير مستندة على حقائق، بمعنى اخر، فان لغة الارقام قادرة على الانتصار، وتوجيه الضربة القاضية في الاوقات الحاسمة، مما يفرض التمسك بهذا الخيار لمواجهة مختلف انواع الحروب، التي يبتكرها المنافسون بين فترة واخرى، بهدف احداث هزيمة نفسية او الدفع باتجاه رفع رأية الاستسلام.

كاتب صحفي