زوجة مع وقف التنفيذ
يعاني المجتمع من أزمة حقيقية وفق النسب المعلنة لقضايا الطلاق لعام 2018 والصادرة من مصلحة الإحصاءات العامة أن عدد صكوك الطلاق الصادرة عن وزارة العدل خلال العام الماضي بلغ أكثر من 58 ألف صك بنسبة 28% من إجمالي الصكوك وعقود الزواج في 2018 والبالغة نحو 150 ألف عقد مما لايجعل مجال للشك أن المقبلين على الزواج يجهلون المعنى الحقيقي للقدسية الخاصة التي ميّزها الله سبحانه وتعالى في الحياة الزوجية، ولعل غياب الوعي هو المؤثر الأساسي في ارتفاع نسب الطلاق في المملكة بشكل مخيف خلال الخمس سنوات السابقة ومن هنا سوف يناقش المقال مسألة الطلاق من جانبي الرجل والمرأة.
يقول الله تعالى «وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ» صدق الله العظيم
شرع الإسلامُ الزّواج ونظّمه، فحدّد به العلاقة المشروعة بين الذّكر والأنثى، وجعل لهُ حدوداً وشروطاً تضمنُ حقوق الطّرفين، وارتقى بتلك العلاقة لتكون رباطاً متيناً مبنيّاً على المحبة والاستمرار، فلا يكونُ القصدُ من الزواج مرحلياً أو لحظياً بهدف الاستمتاع وإشباع الرّغبات، إنّما هو بناءُ الأسرة وتكوينُ المُجتمع وتحديدُ هويّته. وفي تعريف الزّواج معانٍ مُثلى تُخبرُ بسموّ العلاقة وتميُّزها، فمن تعريفاته أنّهُ عقدٌ بين طرفين يقضي بتزويج الأنثى للذّكر وفق الأحكام والشُّروط المُقتضاة لذلك، ومن تعريفاته الوطء، أي إتيانُ الرّجل زوجته وجماعُها بما يحلُّ له وفق العقد المبنيّ بينهما والذي يُحلُّ له تلك المسألة.
حدّد الشّرعُ مفهوم الزّواج ضمن ضوابط وحدود أصيلة فعرّفهُ بأنّهُ عقدٌ بين رجل وامرأة يمنحُ كليهما حقّ الاستمتاع بالآخرة، والمُشاركة في تكوين أسرةٍ صالحةٍ ومُجتمعٍ سليم فلا يقتصرُ مفهوم الزّواج في الإسلام على التنفُّع والاستمتاع والشّهوة، إنّما يتعدّى ذلك للغاية الأسمى والهدف الأجلّ وهو تكوينُ الأسرة وبناءُ المجتمع ومن هنا نستشف أن للرجل حقوق على المرأة كما لهامن الحقوق التي كفلها الشرع بإتمام العقد بينهما ولكن الواقع بعيدٌ تماما عن كمال الدين وتشريعاته وهذا الأمر يمثل الطرفين الرجل والمرأة على حد سواء، فلم تعد المرأة كما في السابق تعطي الرجل حقوقه كاملة في ظل إنشغالها الدائم والمستمر في أمور قد اراها مهمة في بعض جوانبها كالعمل والدراسة مثلاً ولايعني هذا أن للمرأة الحق في إهمال الزوج بحجة أنها تعمل!!
الرجل من جانب آخر بدأ ينتابه هذا الإحساس بفقد السيطرة الكاملة على المرأة ففي السابق هو المعيل والمتحكم الرئيس لمملكته الصغيرة؛ أما اليوم ومع التغيرات الحاصلة مع دخول المرأة لسوق العمل ومساوتها مع الرجل في أمور كثيرة اصبح للمرأة قوةٌ اختلت معها الموازين داخل المنزل وخارجه، يقول الله تعالى «الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ» أي أن الرجل قيم على المرأة، أي هو رئيسها وكبيرها والحاكم عليها ومؤدبها إذا اعوجت.
إن مفهوم السلطة عند بعض الرجال يواجه معضلة حقيقية في وقتنا الراهن فعندما تشتد الخلافات ويفقد الرجل سيطرته ويصل الأمر إلى حد الطلاق يتحول الأمر لإستخدام تلك السلطة بصورة سيئة يحاول فيها الرجل إثبات وجوده فلا يمسكها بمعروف ولا يسرحها بإحسان ويدعها كالمُعلقة «زوجة مع وقف التنفيذ» واقع مؤلم نعيشه في وقتنا الحاضر فما عادت الحقوق والواجبات الزوجية لها وجود وكل طرف يحاول استخدام أسلحته لفرض سيطرته على الآخر فإن جعلتني «معلقة خلعتك».