آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 1:25 ص

الاستجابة.. الضعف

محمد أحمد التاروتي *

يفهم البعض المرونة والاستجابة السريعة لبعض المطالَب، كنوع من الضعف والخوف والاستسلام، مما يحفزه للاستمرار والضغط في سبيل الحصول على المزيد من التنازلات، بيد ان الأمور سرعان ما تنقلب رأسا على عقب، لتعود مجدد لنقطة الصفر، بحيث ينقلب السحر على الساحر، خصوصا اذا شعر الطرف المقابل بفهم رسالة الاستجابة بطريقة خاطئة، مما يدفعه لإظهار الوجه الحقيقي، والتكشير عن الأنياب، بهدف وضع النقاط على الحروف، وإيقاف مسلسل التمادي من الطرف المقابل وكذلك وقف عملية تجاوز الخطوط الحمراء.

يحاول البعض استخدام الطرق السلمية والقصيرة، لإزالة اللبس والأخطاء غير المقصودة، حيث يقوم بتقديم الكثير من التنازلات في سبيل إبقاء حبال الود، وعدم الدخول في القطعية الدائمة، وقطع الطريق امام نشوب أزمات داخلية، الامر الذي يعطي رسالة ملتبسة للطرف الاخر، باعتبارها خوف وضعف كبير، مما يدفع للممارسة الكثير من التعالي، ومحاولة اظهار القوة في غير موقعها على الاطلاق، لاسيما وان الأخطاء الصغيرة او الهامشية لا تستدعي ممارسة دور البطولة، وإبراز العضلات على الطرف المقابل.

استخدام المرونة والقيم الأخلاقية، لا تقرأ بالشكل السليم أحيانا، لاسيما بالنسبة لبعض الأطراف التي لا تفهم سوى القوة، والتقريع على الرؤوس، واستخدام العنف في جميع المناسبات، كونها تتعامل مع الاخرين بطريقة عنيفة، وبعيدة عن القيم الأخلاقية، وبالتالي فان اظهار المرونة في التعامل مع هذه الأطراف، ليس مجديا او سليما على الاطلاق، الامر الذي يستدعي الاختيار الدقيق في التعاطي مع الاخرين، بما ينسجم مع منظومة القيم التي يترجمها في السلوك الخارجي، خصوصا وان القراءة الدقيقة للمواقف تختلف باختلاف الأطراف المقابلة، فكل طرف يفسر تلك المواقف بطريقة مغايرة تماما عن الطرف الاخر، ففي الوقت الذي يعتبرها البعض ترجمة عملية للسلوك الأخلاقي، فان البعض الاخر يفسر بالضعف والخوف.

الاعتراف بالحق فضيلة، حيث يكشف المعدن الحقيقي للإنسان، فالمرء الذي يمتلك الشجاعة للاعتراف بالخطأ، والإذعان للحق، بامكانه مواجهة اصعب المواقف، خصوصا وان المكابرة والعناد ومحاولة تبرير الأخطاء، تقود لمزيد من الانغماس في الطريق الخاطئ، لذا فان البعض يتوخى الحذر في التعامل مع الاخرين، من اجل الحفاظ على شبكة العلاقات الاجتماعية، لاسيما وان المكابرة والإصرار على الأخطاء، تقود لقطع أواصر العلاقات مع الاخرين، وبالتالي فان المرء مطالب بإيجاد حالة من التوازن، بين الإقرار بالأخطاء، وعدم التعرض للإذلال من قبل الأطراف الاخرى، خصوصا وان سرعة الاستجابة للاعتذار تدفع البعض لاستخدام طريقة التهديد، حيث يعتقد ان التصرف الأخير ينعم عن ضعف وخوف، وليس نابعا من الحفاظ على حبال الود في العلاقات الإنسانية.

امتلاك القدرة على التحكم بالامور، في التعاطي مع الاخرين، سواء من ناحية التراخي او الشدة في المواقف، تشكل مناعة في وضع الأمور في النصاب الصحيح، مما يشكل رادعا للاخرين، وعدم التمادي في التهديد، والمطالبة بمزيد من التنازلات، خصوصا وان العين ”الحمرة“ ليست مطلوبة على الدوام، فهناك مواقف تتطلب استخدام الشدة في اتخاذ المواقف، فيما تتطلب بعض المواقف الليونة والمرونة، للحصول على النتيجة المطلوبة، بمعنى اخر، فان تقدير الموقف يمثل السبيل الوحيد، لاختيار الأسلوب المناسب، في ابداء الصلابة او المرونة، لاسيما وان المرء بامكانه التفريق بين أصحاب القراءة الصحيحة، والأطراف غير القادرة على تقدير المواقف بالطريقة السليمة.

كاتب صحفي