آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 11:37 ص

ترامب.. المختار

محمد أحمد التاروتي *

وصف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نفسه بالشخص ”المختار من الله“ لإصلاح الخلل في العلاقة التجارية بين واشنطن وبكين، مما يمثل إشارة واضحة لاستمرار نهج المواجهة مع الصين كثاني اقتصاد عالمي، الامر الذي يزيد المخاوف من دخول الاقتصاد العالمي مرحلة الركود والتباطؤ.

المواجهة التجارية التي تقودها الإدارة الامريكية تجاه الصين، تستهدف اصلاح الميزان التجاري بين البلدين، والذي يميل للجانب الصيني، من خلال فرض المزيد من الضرائب على الصادرات الصينية، بهدف إيقاف تدفق الصناعة الصينية، والحد من الاعتماد الكلي على المنتجات الصينية، في الأسواق الامريكية، مما يعطي الصناعة الامريكية القدرة على احتلال موقعها الطبيعي، بعد انحسارها جراء فقدان القدرة على منافسة المنتجات الصينية الرخيصة.

تمارس إدارة ترامب سياسة الصفقات التجارية في علاقاتها الدولية، فهي تتعاطى مع الدول العالمية بمبدأ الربح والخسارة، مما يفسر القرارات التي تتخذها على المستوى العالمي، فالإدارة الحالية لا تفرق بين الحليف والعدو بخصوص إبرام الصفقات التجارية، وبالتالي فان المعيار الأساس في رفع مستوى العلاقات يتمثل في حجم الفائدة الاقتصادية المرجوة بالدرجة الأولى.

إدارة ترامب تحاول فرض قواعد جديدة، في اللعبة الاقتصادية القائمة بين اكبر اقتصادين في العالم، مما يسهم في تحريك المصانع الامريكية، وخلق المزيد من الفرص بالسوق الامريكية، لاسيما وان الصناعة الصينية تشكل رقما أساسيا، في الأسواق الامريكية، حيث يقدر الرئيس الأمريكي حجم الصادرات الصينية بالأسواق الامريكية بنحو 500 مليار دولار من الولايات المتحدة خلال الخمس أو الست سنوات الماضية، مما يدفع البيت الأبيض لاستخدام الضرائب على الصادرات الصينية، كسلاح للحد من تدفقات منتجاتها للأسواق الامريكية.

قرار بكين بفرض رسوم إضافية على الواردات الامريكية، يرفع من مستوى التوتر الاقتصادي بين البلدين، نتيجة قيام الإدارة الامريكية رسوماً بملايين الدولارات على عدد من المنتجات، والواردات الصينية، مما يلقي بظلاله على الاقتصاد العالمي خلال الفترة القادمة، الامر الذي تمثل في استمرارية صعود سعر الذهب، في البورصة العالمية خلال الأسابيع الماضية، بحيث سجل زيادة كبيرة لم تشهده قيمة المعدن الأصفر خلال السنوات الأخيرة، نظرا لتزايد المخاوف من التداعيات السلبية، على الحرب التجارية الامريكية - الصينية.

اعتزام الرئيس الأمريكي ترامب فرض رسوم جديدة، على سلع أخرى بحلول الأول من سبتمبر المقبل، يمهد الطريق امام إطالة امد الحرب التجارية بين البلدين، خصوصا في سياسة كسر العظم التي تنتنهجها واشنطن وبكين بشأن العلاقات الاقتصادية، الامر الذي ينعكس سلبيا على الاقتصاد العالمي، مما يفسر التحذيرات التي اطلقها صندوق النقد الدولي، بأن هذه الحرب التجارية ستتسبب في حدوث ركود اقتصادي بالولايات المتحدة، وستنعكس سلباً على معدل النمو العالمي.

الاقتصاديات العالمية ليست بمنأى عن التأثيرات السلبية للحرب التجارية الامريكية - الصينية، فالمخاوف تتزايد من القضاء على الامال بالانتعاش الاقتصادي العالمي، خصوصا وان الحرب ستؤثر على النمو العالمي، مما يدخل الكثير من الاقتصاديات العالمية في حالة من التباطؤ، بحيث يؤثر على الاقتصاديات الوطنية على المستوى العالمي، وبالتالي فان الامال تحدو الجميع لجلوس قطبي الاقتصاد العالمي على طاولة المفاوضات، بغرض انهاء الخلافات وإبرام اتفاقية تقضي على المخاوف، في دخول الاقتصاد العالمي في دورة جديدة من الركود، نظرا للتداعيات السلبية المترتبة على التباطؤ الاقتصادي على جميع الدول العالمية.

كاتب صحفي