آخر تحديث: 20 / 4 / 2024م - 2:34 ص

مع الحسين «10»

محمد أحمد التاروتي *

انتهج سيد الشهداء أسلوب التذكير والقاء الحجة على الجيش الأموي في اليوم العاشر، حيث حرص على التذكير بنفسه ونسبه وقرابته من الرسول ﷺ، بهدف رفع الحجب الشيطانية المسيطرة على قلوب غالبية الجيش، خصوصا وان الطمع في ”الجائزة“ اغشى بصائر الجند للوقوف امام سبط المصطفى ، وبالتالي فان الخطب التي القاها سيد الشهداء قبل نشوب المعركة، في كربلاء بمثابة صرخة لايقاظ الضمائر الميتة، لدى غالبية الجيش الاموي، ”أمّا بعد فانسبوني فانظروا مَنْ أنا ثم ارجعوا إلى أنفسكم وعاتبوها فانظروا هل يصلح لكم قتلي وانتهاكُ حُرمتي؟ ألَسْتُ ابنَ بنتِ نبيّكم وابنَ وصيِّه وابن عمّه وأوّل المؤمنين المصدّق لرسول الله ﷺ“.

الخوف على مصير الجيش الاموي من الدخول في النار، يمثل احد البواعث وراء إصرار سيد الشهداء ، على القاء الكثير من الخطب قبل اندلاع المواجهة العسكرية، لاسيما وان البعض يمكن استمالته وانقاذه الخلود في النار، من خلال دغدغة مشاعره وازاله اللبس الواقع عليه، فالماكنة الإعلامية التابعة لوالي الكوفة عبيد الله بن زياد، مارست الكثير من التضليل الإعلامي في الفترة الماضية، بالإضافة لذلك فان السلطة الاموية حاولت الاستفادة من الغطاء الشرعي، لجواز الخروج لقتال الامام الحسين ، من خلال استخدام فتوى شريح القاضي القائلة ”أن الحسين خرج عن حده فليقتل بسيف جده“، الامر الذي يتطلب بذل الجهد لتحطيم الحجب المعنوية، التي غرستها الماكنة الإعلامية الاموية ”أيها الناس اسمعوا قولي ولا تعجلوا حتى أعظَكم بما يحقّ لكم عليَّ وحتى أُعْذَرَ إليكم فإن أعطيتموني النّصف كنتم بذلك أسعد، وإن لم تعطوني النّصف من أنفسكم فاجمعوا رأيكم ثم لا يكن أمركم عليكم غُمَّةً ثم اْقضوا إليَّ ولا تُنظِرونِ «إِنَّ وَلِيِّيَ اللّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَبَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ»“.

حاول سيد الشهداء احداث خرقا، في جدار الجهل المسيطر على عقول الجيش الاموي، من خلال الترهيب من الاقدام على ارتكاب جريمة، سفك دماء سبط سيد الأنبياء واهل بيته، " أو لم يبلغكم ما قال رسولُ الله ﷺ لي ولأخي: «هذانِ سيّدا شباب أهل الجنة؟»، أما في هذا حاجز لكم عن سفك دمي؟، وبالتالي فان الترهيب من المصير الأسود الذي ينتظر الجيش الاموي، يشكل احد العوامل للتراجع والانسحاب من صفوف الجيش المتعطش، لدماء اهل الحسين وأصحابه او الندم على الاقدام على هذه الجريمة النكراء، الامر الذي ساهم في انسحاب البعض وتحول بعض الجنود باتجاه جيش سيد الشهداء ، حيث ساهمت الخطب في ايقاظ بعض الضمائر الحية.

لم يظهر الامام الحسين الضعف او الخوف من الموت، في صبيحة يوم عاشوراء على الاطلاق، فالخطب التي القاها جاءت انطلاقا من المسؤولية الشرعية، الملقاة على عاتقه لإنقاذ الجيش الاموي من المضير المظلم، خصوصا وان المشاركة في سفك دماء ”سيد شباب اهل الجنة“، جريمة لا تقارن بمختلف الجرائم على الاطلاق، فهذه الفاجعة اهتزت لها السماوات والأرض، وما تزال ماثلة حتى العصر الحاضر، وهي مستمرة حتى يقام يوم الدين.

بعد استنفاذ السبل الارشادية لمحاولة ثني الجيش الاموي، عن ارتكاب جريمة سفك دماء سيد الشهداء ، واهل البيت، على ارض كربلاء، نتيجة الإصرار من الطرف المقابل على الاستمرار، في استخدام السيف في وجه الامام الحسين ، لم يجد أبو الاحرار سوى القول ”قوموا الى الموت يرحكم“ وكذلك اعلان الصرخة المودية في ارض الطف وهي، «لا والله، لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل ولا أفرُّ فِرار العبيد»، حيث جاء جواب القوم على النصائح التي قدمها سيد الشهداء على لسان قيس بن الأشعث: ما ندري ما تقول، ولكن اِنزل على حكم بني عمّك.

كاتب صحفي