آخر تحديث: 25 / 4 / 2024م - 6:07 م

احياء المناسبات الدينية الحاشدة بين الواقع الممكن والآمال المعقودة في حسن التوظيف

المهندس أمير الصالح *

في العالم الاسلامي هناك عدة مواسم دينية وعبادية توظف في جزء منها كمنصة للمثاقفة الاجتماعية والجماعية مع وبين معظم ابناء المجتمع او سكان الحاضرة الواحدة على عدة اصعدة. فعلى سبيل المثال هناك موسم رمضان العبادي الروحي حيث تنصب في جزء كبير منها على المثاقفة الروحية وتلاوة القران الكريم وقراءة تأملية لـ الادعية المروية عن النبي وآل بيته الشريف وكذلك تحسس وتفقد احوال ابناء المجتمع كل منهم للاخر وتجديد العلاقة بقيم التوحيد وتعميق التضامن الاجتماعي مع الطبقات الاجتماعية المختلفة.

وهناك ايضا موسم الحج العبادي السنوي؛ وهناك موسم شهر محرم الحرام حيث الابداع في مراجعة الاداء الوظيفي للمجتمعات وقياس ثيرموميتر الايمان وبوصلة الالتفاف حول رمز الحق «الامام الحسين» وتحديد الاهداف الجديدة وتجديد العهد ب قيم الوفاء والتضحية والصلابة على الحق.

كان ذلك الاستهلال هو مطلع مقتبس من مقال لي تم نشره تحت عنوان «خيركم خيركم لاهله» واستهليت به هذا المقال لـ تقديم الثناء والشكر والاطراء على حسن استثمار وتوظيف المواسم العبادية من قبل مجمل الخطباء وائمة المساجد الباذلين للجهد في تحضير المادة الفكرية وتحديد الاهداف والسعي لزيادة رقعة الوعي ورفع منسوب المعرفة وفتح باب الحوار الراشد والواضح.

بعض النقاد والمتابعين للنشاط الثقافي قد يبخسون حقوق الناس وقد ينصف البعض حقوقهم الا انه من الشجاعة والادب الالتزام الدائم ب الانصاف والموضوعية عند تقييمنا لما يقدمه الاخرون من موضوع او خدمة او علم او غذاء روحي.

في هذا الموسم نجح الكثير من الخطباء بحمد الله في حواضر منطقة شرق المملكة في اعداد انفسهم بالمادة العلمية والموضوع القرآني والمعالجة المنطقية والعرض للمواضيع الفكرية والتحديات الحضارية وتأصيل بعض جوانب الهوية الاسلامية ومبان الايدلوجية الاخلاقية الفكرية وفصل الممارسات المزعومة من جوهر الفكرة المدعو اليها بشكل اكبر ومستوى اعلى من المعهود سابقا. وهنا لا يفوتنا ان نشكر اولئك المخلصين من الخطباء والعلماء ونشد على ايديهم ونمد يد العون لهم في الاستمرارية على الصعود في الاداء لدوام النجاح ولو بالكلمة الطيبة المشجعة والدعاء واقتراح قوائم المواضيع. وكجملة اعتراضية، اُسجل التالي:

الحمد لله على نجاح الموسم الاخير في معظم مجالس العزاء الحسيني في حاضرة القطيف وما حولها منذ اليوم الاول.

لفت نظري ان الحضور المشارك من الليلة الاولى لانطلاق محرم الحرام بأحد المجالس ناهز الأربعة آلاف وخمسمائة شخص في مجلس واحد بحي واحد كما نُقل في أحد الصحف الالكترونية؛ الحضور بحمد الله في الق بوجوده وانظباطه واحتراماه وتعاونه.

وقد يُستشف من ذلك عدة امور منها: تعطش الجمهور لـ المحاضرات النوعية والجادة والاطروحات الناهضة. ومن جهة اخرى، قد يُستشف من ذلك التفاف الجمهور حول الخطيب المميز والمرتب في عرض افكاره والعميق في طرحه والملامس لواقع الناس والمتصدر لاجوبة عصرية شافية تشغل اذهان الناس. وقد يستشف البعض أشياء آخرى إلا أنه بكل تاكيد موسم محرم هذا العام يتميز باتساع آفاق الحوار وتعدد مواضيعه وتزايد رقعة الحضور. انتهت الجملة الاعتراضية. استأنف المقال.

وايمانا بضرورة دفع النمو للاعلى لتحقيق بعض الآمال المعقودة، فاني اتقدم بجملة مقترحات يمكن النظر في تفعيلها في بعض المجالس للموسم القادم ونتطلع في ان تُسلط الضوء على المحاور الثلاثة التالية:

محور 1: المحاضرات

- تنشيط مجموعة اعداد مقترحات عناوين ومواضيع المحاضرات بناء على ورش عمل تُعقد قبل موسم محرم ب 3 شهور

- الدعوة لـ مجموعة كوادر بشرية بشكل دوري ومنتقى من ال الشباب الواعي، التجار الناشط، المثقفين من اهل الاطلاع، الاكاديميين، الكُتاب من اهل الحس الاجتماعي والمشتغلون بالشأن الاجتماعي لاسيما بعض كوادر الجمعيات الخيرية وجمعيات العلوم النفسية التطوعية للمساهة في اعداد عناوين واوراق عمل واقتراح معالجات تتعلق بالبرامج والمواضيع لطرحها من خلال المنبر الموسمي

- طرح واعلان ونشر مبكر لكامل البرنامج المنبري قبل دخول الموسم بعدة ايام لتسهيل الاطلاع والتخطيط والانتقاء من قبل المستمعين

- تبني إطلاق فيديوهات قصيرة المدة الزمنية او ما يُعرف باسم برومو «فيديو صوتي شامل الصوت» مع عرض سريع لفهرس المحاضرة المراد تقديمها قبل يوم او اكثر من عقدها

- تفعيل الدعوة للمستمعين من خلال النشر والتغطية ب وسائل التواصل الاجتماعية وقنوات اليوتيوب

محور 2: أنشطة وبرامج للأطفال

تجنبا من ملل بعض الأطفال او إزعاج بعضهم عند تواجدهم بالمساجد او المجالس، نقترح التالي:

- عقد انشطة او عقد مخيم للأطفال

- اعداد فريق من كوادر المهنيين موجه لاحتضان مرسم حسيني للأطفال.

- استقبال التبرع بقصص هادفة للأطفال من أجل التوزيع او القراءة على شكل حلقات.

- اعداد كورنر للأطفال كثيري الحركة يتضمن ألعاب مثل الليجو lego؛ وإطلاق حملة توعية بين الاسر على إعداد الأطفال المرافقين بالتزام الهدوء وجلب احتياجاتهم الاستهلاكية ك البساكيت والحلوى والألعاب الخاصة لضمان عدم احداثهم اي ضوضاء.

محور 3: الاماكن والخدمات والاستبيانات

السعي الدؤوب لتحسين وتطوير الخدمات للاماكن التي اُعدت لاستقبال الحضور الجماهيري للمناسبات امر مهم جدا. في المجالس الكبرى، يعد كوادر التنسيق جهود مضنية في الاعداد والتخطيط والتنسيق والتنفيذ لتفويج واجلاس الجموع المتوافدة وتقديم خدمات الغذاء والشراب وتنسيق ساحات مواقف السيارات وتهيئة دورات المياة لضمان راحة المشاركين منذ وصولهم حتى انصرافهم. وهنا نجدد شكرنا العميق لكل اصحاب المحالس والكوادر المتطوعة. ولعل من الجميل تبني مبادرة مجلس النمر وتعميمها كانموذج يُحتذى به في اطلاق استبانه سنوية تتضمن كامل المحاور وفتح باب الاقتراح للجمهور المشارك.

ختاما، في زياراتي لبعض مجالس إحياء ذكرى استشهاد الإمام الحسين وقفت على إبداعات وجهود عدد من الخطباء؛ قد لا يمكنني ادراج كل الاسماء ولكن من الجميل أن ندون بعض تلكم الاسماء مع كامل الحفظ للالقاب والمكانة العلمية. سيد منير الخباز وشيخ فوزي وشيخ اسماعيل مشاجرة وسيد مجاهد الخباز وآخرون كُثر اصبحت مواضيع طرحهم محل مدارسة بين العامة من الناس والمثقفين من ابناء المجتمع.

فقد اجادوا بدرجات مختلفة تغطية اهتمامات جيل x وجيل y وجيل z ونتطلع ان يغطوا اهتمات جيل الفا في محاضراتهم القادمة. شخصيا اقف على نقد المثقفين لبعض محاضرات العلماء والمشايخ والخطباء وابادر المثقف الناقد بطلبي له في ايصال نقده مباشرة للخطيب المعني. نسأل الله لهم ولنا وللجميع دوام التوفيق وللحاضرين مجالسهم دوام الاستفادة والتواصل معهم واعداد تغذية رجعية feedback فيما يتعلق بالمحاضرات والمعالجات لكي تتكامل الادوار وينمو المجتمع نحو الافضل علما وعملا.