آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 7:41 م

التنمر الاجتماعي في متلازمة الخشخاش الطويل

دكتورة لمياء عبدالمحسن البراهيم * صحيفة اليوم

في أستراليا يستخدم وصف متلازمة الخشخاش الطويل للتعبير عن ثقافة الانتقاد السلبي المقوض لنجاح الآخرين أو كبح طموحهم، حيث إنه في زراعة الخشخاش تقلم النبتة التي تطول على باقي الزرع.

نلاحظ هذا السلوك في المجتمعات القليلة التباين والذين يمارسون التنمر الاجتماعي على المختلف، وفيه يعاني الناجح والمتميز من الانتقاد والسخرية والتثبيط وتصيد أخطائه.

ذكر علي الوردي ذلك في كتابه «مهزلة العقل البشري» حيث إن التنمر من الأقران في نفس المجتمع قد يكون أصعب وأشد بسبب دوافع الغيرة والتنافس المهدد للمصالح المكتسبة مما يدفع الفرد الناجح للخروج ولربما الانسلاخ من مجتمعه حتى يستطيع الانطلاق، أو أن يقبل الهزيمة وتحجيم طموحاته وأفكاره حتى يتقبله المجتمع.

في متلازمة الخشخاش الطويل يستخدم المتنمرون إستراتيجية الحرب الباردة النفسية من تعمد تقزيم نجاح الشخص وإنجازاته بل وإنكارها أو نسبها لعوامل غير واقعية تبرر عدم وصولهم لما حققه من نجاح وإنجازات، وكذلك بتضخيم هفواته وملاحقته بالشخصنة والتصيد للسخرية منه وتحطيم معنوياته، وتتطور الحرب في عزله واستبعاده من المجموعات لنبذه وعزله بل والتواصل مع الآخرين ليمنعوهم من التواصل والتعاون معه، وإلا فسينالون نفس العقاب من التنمر الاجتماعي ما يجعلهم يختارون السلامة بعيدا عن شر المتنمرين.

خطر متلازمة الخشخاش الطويل يتفاقم في المجتمعات الأحادية الفكر والتوجه والرافضة للاختلاف والتباين، وستكون جلية مع التطورات السريعة التي مرت بها السعودية، مما أوضح التفاوت الاجتماعي والقناعات بين الناس تحت مظلة رسمية أتاحت مساحة تقبل اختلاف لم تكن موجودة سابقا في ظل تعصب صوت متسلط ومتفرد بالرأي، وقد أدى ذلك إلى ردود أفعال عززت الصوت العالي المقاوم للاختلاف خوفا من أن يصيبهم التقليم كما في شجرة الخشخاش رغم رفضهم الداخلي لتقويض طموحهم والذي انعكس في ضعف تقدير ذواتهم خوفا من التنمر الاجتماعي.

من أعراض الإصابة بمتلازمة الخشخاش الطويل قد يكون أحدها أو جميعها:

• التخوف من طرح أو مناقشة قناعاتك التي قد تقابل بالتنمر الاجتماعي.

• تجنب الظهور بموضع منافس يهدد مكانة أحد قد يستخدم التنمر لتحجيمه.

• تحجيم الطموحات والتقاعس عن تحقيق الأهداف بما لا يجعله في موضع متباين عن مجتمعه.

• حجب الإنجازات عن الآخرين وإظهار السلبيات لجذب التعاطف وإبعاد أنظار المتنمرين.

• إنكار الإنجازات وعدم الاحتفاء بها.

ولمواجهة التنمر الاجتماعي فالحل يبدأ من نفسك ومن ذلك:

• مواجهة الخوف من السخرية ولو كانوا من محيطك المباشر وتحجيم المثبطين والمحبطين للنجاح.

• نشر ثقافة الامتنان للداعمين والناجحين ومجاملة الآخرين ومباركة نجاحهم وإنجازاتهم.

• التعاون ومساعدة الآخرين الذين قد يتحولون لداعمين اذا كان نجاح الفرد به فوائد لهم.

• لا تتوقف وطور نفسك في مجالات مختلفة بعيدا عن المحبطين والمنافسين من نفس المجال والمحيط.

• أحط نفسك بالإيجابيين والداعمين الذين يفرحون لإنجازاتك.

• استمد قوتك من نفسك وتقديرك لذاتك، واحتفل بإنجازاتك.

• لا تتردد في طلب المساعدة والاستشارة لو صعب عليك مواجهة ذلك وحدك.

استشارية طب أسرة
مستشار الجودة وسلامة المرضى
مستشار التخطيط والتميز المؤسسي
كاتبة رأي