آخر تحديث: 20 / 4 / 2024م - 1:42 ص

بنت أسد

عبد الرزاق الكوي

هي السيدة الجليلة عالية المقام سليلة الكرام فاطمة بنت اسد بن هاشم بن عبد مناف فالبيان ليقصر في إبراز عظمة هذه المرأة العظيمة، هي احد الجواهر النفيسة التي انعم الله تعالى بوجودها على هذه الارض لتكسوها طهارة وتنير سماءها بفيض قدسيتها سليلة المجد والشرف والبيت الهاشمي العريق، مبجلة ذات قدر وشرف في قومها وصحابية من اجل الصحابيات وأفضلهن مكانة ومن السابقات في الاسلام ذات عقل سديد اشتهرت بالعبادة عرفت بالعفة والطهارة كانت فصيحة اللسان ورفيعة الأخلاق، مؤمنة بالله جل وعلا وموحدة له على دين إبراهيم ، لم تعبد صنما قط.

زوجة الموحد سيد قريش حامي الرسول صلى الله عليه واله، أرفدت الاسلام بأقمار أضاءت سماء الانسانية بولادتها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب مفخرة الاسلام وسند الرسول صلى الله عليه واله والقران الناطق وسيف الله المسلول وباب مدينة العلم، صوت العدالة الانسانية، عليهم جميعا ازكى واعطر السلام، وأولادها الآخرون طالب، عقيل، جعفر، أم هاني، وجمانة، وواصل احفادها نصرة سبطي الرسول وتوجوا حياتهم شهادة تحت راية الامام الحسين في كربلاء المقدسة.

ظلمها التاريخ كما ظلم زوجها الحامي والمدافع والمضحي دفاعا عن الرسول صلى الله عليه واله ورسالته، فالتاريخ كتب الكثير منه من قبل المطبلين والمرتزقة واصحاب المصالح الشخصية، الذين كانوا يجهدون ما استطاعوا في طمس مناقب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، فكان من الطبيعي أن تتعرض هذه المرأة الجليلة وزوجها ابو طالب إلى تجاهل المؤرخين وتتعرض لإجحاف المتعمد من قبل من كتب التاريخ.

تكفلت هذه السيدة الجليلة فاطمة بنت أسد برعاية الرسول صلى الله عليه واله منذ كان عمره في الثامنة حتى تزوج بالسيدة خديجة ام المؤمنين، كان الرسول الأكرم يناديها بأمه بما حظي منها من رعاية وحنان ومحبة كانت من أبر الناس بالنبي صلى الله عليه واله، من السابقات إلى الاسلام، هاجرت من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة على قدميها.

حظيت بفضائل لم يصل لها احد من نساء العالمين، فقد اختارها الله جلا وعلا من بين نساء العالمين لتد مولودها العظيم في بيته الحرام لجليل مقامها ومنزلة الوليد عند الله جلا وعلا، جلست ثلاث أيام في بيت الله جلا وعلا وتحت رعايته في اعجاز رباني لإظهار عظمة الام ووليدها، نالت مقام الصالحين بإيمانها وتقواها وحفظها للرسول الأكرم.

استمرت فضائل الله تعالى ان تحظى السيدة الجليلة فاطمة بنت اسد برعاية سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء وهي في الخامسة من عمره بعد وفاة عظيمة المكانة عند الله تعالى والرسول الأكرم خديجة بنت خويلد ام المؤمنين وناصرة الدين، ومن كان نسل الرسول صلى الله عليه واله منها، واصلة عطاءها برعاية الزهراء حتى تزوجت بالإمام علي وعاشت معهم في دار واحد ترعاهم وتسهر على راحة اعظم ما انجبت البشرية بعد النبي صلى الله عليه واله.

فكم رزق الله جلا وعلا هذه المرأة من الفضائل من المكانة العائلية الشريفة، وارتباطها بسيد قريش ابو طالب، وشرف رعاية الرسول صلى الله عليه واله وابنته سيدة نساء العالمين وولادة ابنها في البيت الحرام وفي جوف الكعبة المشرفة بعلي وما ادراك ما علي .

جاءت في زيارة السيدة فاطمة بنت أسد :

«أشهد أنك أحسنت الكفالة وأديت الأمانة واجتهدت في مرضاة الله وبالغت في حفظ رسول الله عارفة بحقه مؤمنة بصدقه معترفة بنبوته مستبصرة بنعمته فرضي الله عنك وأرضاك وجعل الجنة منزلك ومأواك».

بعد عمر زاخر بالابتلاءات والكرامات والوفاء التي قل نظيره اطمأنت فيه ان وليده الامام علي مواصلا درب العطاء في حماية النبي ودينه كما كان ابوه ابو طالب يخطو نحو مسيرة عامرة بالعطاء والثبات على المبدأ، انتقلت الى جوار ربها راضية مرضية شاكرة لله تعالى النعم الكبيرة التي قامت بها على اكمل وجه، نالت فيها شرف المكانة، ذهبت مؤمنة صابرة عابدة أفنت عمرها وعمر زوجها ابو طالب في طاعة الله جلا وعلا وخدمة النبي صلى الله عليه واله، فكان حزن النبي الأكرم على فقدها حزن الابن على وفاة امه، فقد حزن حزنا عظيم فقد كانت وفاة عمه ابو طالب عام الاحزان وبوفاة السيدة العظيمة يتجدد حزن النبي صلى الله عليه واله. كانت وفاتها في الثالث والعشرين من شهر صفر الرابع للهجرة المباركة، أولاها رسول الله عند وفاتها الاهتمام والتجليل ما يدل على عظمة مقامها الرفيع عند الله سبحانه وتعالى، فكفنها بقميصه واضجع في قبرها.

التاريخ يخلد لنا نساء من أهل البيت عليم السلام اللاتي ارتقينا سنام المجد، كانوا نبراس لمن أتى بعدهن، فالمرأة هي من الأسس في بناء المجتمع التي تمثل نصفه فإذا كان نصف المجتمع هشا كان المجتمع هشا سرعان ما يسقط ويندثر من اول هزة يتعرض لها ولنشاهد ما أنتجت بنت اسد ونحن محتاجون ان نتخدهم قدوة وان نتعرف على حياتهم الإيمانية لنخرج لهذه الدنيا أفراد صالحين لبناء مجتمعاتهم، قال سول الله صلى الله عليه واله:

﴿تخيروا لنطفكم فان العرق دساس.

﴿خلف كل رجل عظيم أمرأة.

هذه هي الحياة السامية تبقى خالدة ما بقى الدهر، يرحلون ويبقى سنا ذكراهم ما مرت الأيام، لم يمت من خلف من بعده كوكبة من الأولاد والأحفاد كما خلفت السيدة الطاهرة فاطمة بنت اسد، جدة الحسن والحسين وجميع من استشهدا من بني هاشم في كربلاء من أحفادها.

الام مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق

حريا بالنساء الاقتداء بهذه المربية الصالحة في تربية ابنائهم ورعايتهم من اجل جيل صالح يفتخر به ويصل الى درجات عظمى من الفضيلة والإيمان والعلم والعمل الصالح.