آخر تحديث: 24 / 4 / 2024م - 11:56 م

أصدقاء جدي!!

الدكتورة زينب إبراهيم الخضيري * صحيفة الرياض

منذ استيقاظنا في الصباح حتى موعد نومنا ونحن في دائرة اتخاذ القرار، فحياتنا مزدحمة بعشرات القرارات، سواء على المستوى الشخصي، أو العملي، أو الاجتماعي، أو الاقتصادي، وكلما كان هناك اختلاف في وجهات النظر، أو مطلوب إجابات بنعم أو لا، كان هناك قرار يجب أن يُتخذ، ويزداد الأمر تعقيدًا كلما توجهنا إلى المنظمات. والسؤال: ما الذي يؤثر في اتخاذنا للقرار؟ وهل اتخاذ القرار الصائب فن أم علم؟ وهل الميول البشرية وأنماط السلوك بما في ذلك الشخصية والهوية الذاتية والتوجهات حتى المعتقدات كلها مجتمعة لها دور في ذلك؟ ففي الحرب العالمية الثانية قام العلماء والباحثون بتطوير المساعدة على اتخاذ القرار للمشكلات المعقدة التي يواجهها الجيوش، حيث عاصروا تجربة الجيوش التي تتبع إجراءات صارمة عندما يكون الأمر متعلقًا باتخاذ القرارات، وتقوم بتوفير هيكلية واضحة لفائدة صناع القرار، تتضمن أخذ جميع المعلومات، إضافة إلى الطرق المتطورة لتحليل المخاطر والنتائج. وهذا ساعد الباحثين على تبني هيكلية مماثلة لصنع القرار في بيئة إدارة الأعمال، تتضمن أخذ كل المعلومات، والمخاطر، والنتائج بعين الاعتبار قبل اتخاذ القرارات التجارية. والأكيد أن الأعمال التجارية والقرارات الإدارية ليست حربًا بين الشركات أو مخاطرة، بل هي أنشطة أكثر تحضرًا، تهدف إلى خلق القيمة بدلاً من تدمير المنافس والتسلط على السوق، وقد أسهمت التكنولوجيا في خلق عناصر الإبداع وإيجاد حلول مبتكرة، إلا أن صانع القرار لا بد أن يتسلح بالمنهجية العلمية، كذلك الحدس، والتفكير خارج الصندق، وآراء الخبراء، وإشراك الأفراد العاملين معه، فهناك قرارات مثالية على الورق ولكن لا يمكن تطبيقها، لذلك علم صُنْع القرار ليس علمًا مصمتًا، فهو علم يقوم على الإبداع، ولكنه لا يطغى على المنهجية العلمية.

أذكر قصة لأشهر الصناعيين الأميركيين هو هنري فورد مؤسس شركة «فورد لصناعة السيارات»، الذي أحدث ثورة صناعية في إنتاج وتصنيع السيارات داخل أميركا وخارجها، حيث بدأ عام 1905 وقد بلغ مركزًا قياديًا في مبيعات السيارات في جميع أنحاء العالم، وبلغت أرباحه بليون دولار، ولكن بعد بضع سنوات وتحديدًا عام 1927 تحولت الشركة إلى خراب، وانهارت إمبراطورية السيارات العالمية، ظلت تخسر 20 عامًا، وهذا نتيجة عناده وقراراته الخاطئة،

وبعد الحرب العالمية الثانية عام 1945، تولى هنري فورد الحفيد، وكان في السادسة والعشرين من عمره ودون خبرة أو تدريب إدارة الشركة، وبعد عامين أطاح بأصدقاء جده المخلصين، وأدخل فريقًا إداريًا جديدًا، وأنقذ الشركة من الفشل. الخسارة التي تعرضت لها الشركة 20 عامًا كانت نتيجة سوء فهم في الإدارة واتخاذ القرار، فكان الفشل بعد النجاح الأول، ثم النجاح بعد تغيير الفكر الإداري الكلاسيكي، والخروج من معتقدات فورد الجد في الشركة.