آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 11:37 ص

أن تبيع ذهبا على الأرصفة!

أثير السادة *

لك أن تتخيل بأن أغلى المواد على قائمة اللحوم في هذا البلد تباع في الطرقات أو تحت أسقف بنايات متهالكة ومؤقتة، هذا حال الأسماك والروبيان التي تريد البلدية أن تذكرنا هذه الأيام بحرصها البالغ على سلامة السوق وبضاعتها عبر حملات مكثفة أسفرت عن مصادرة أطنان عدة من السوق بحسب الأخبار التي نشرتها الصحف صبيحة اليوم.

اعتادت الناس أن تقصد هذه الأسواق وتلك البسطات دون أن تنشغل بأحوال السوق وسلامته، لا لشيء سوى أن هذا هو واقع الحال منذ عقود، التدني في مستويات النظافة والتخزين للأسماك كما تصفه البلدية ليس بالجديد، لأن السوق المركزية التي يقف شعر رأسك حين يقال بأن مبيعاتها هي الأكبر على مستوى الشرق الأوسط ليست سوى دكات مسقوفة أو مكشوفة يعرض من خلالها الباعة ما يجمعون من حراج السوق، هي الدكات ذاتها صيفاً وشتاءاً، يفعل بها الجو مفاعيله، وتتأثر به الأسماك المعروضة، والتي لا يبقى من ضمانة لسلامتها إلا ذمة البائع!.

السوق الجديدة مازال انتظار اكتمالها طويلا وطويلا جدا، وهي ليست الحل الوحيد، فهنالك أسواق صغيرة مازالت الحاجة مستمرة لوجودها في أطراف المدن والقرى، لكنه لا وجود لخطط لتطويرها، كما الحال في سوق السمك بسيهات مثلا، سوق كانت يوما عامرة بالناس وبالأسماك، والآن هي سوق على كف الإزالة، لأنها سوق مؤقتة، ولا سوق دائمة تلوح في الأفق.

معالجة واقع السوق يبدأ بإيجاد سوق مكتملة الأركان، بها من الظروف ما يسمح بتطوير آليات البيع فيها، وتعزيز الظروف الصحية للأسماك المعروضة، وبعدها يمكن محاسبة الباعة والدلالين والمشترين على سلوكياتهم، المسألة تبدو لي ذات اتصال شديد بصناعة الأسماك التي مازالت تقدم كأسواق أقرب للأسواق الشعبية، والذي يعني أنها تدار وتقدم بطريقة عشوائية وعفوية وخالية من التنظيم!.

للأسماك قيمة غذائية عالية، وهي تعني الكثير لأبناء السواحل، لذلك لا يصح بأن تدار بلغة ”الحملات“، بل يلزم أن تكون عنوانا حضاريا واقتصاديا لهذا الساحل وأهله، بعد أن يصار لتنفيذ أسواق صغيرة لبيع التجزئة في مختلف المدن والقرى، أسواق يشعر من يقصدها بأننا قطعنا شوطا في هذه الحياة، شوطا يذكرنا بأن النفط وطفراته تركت بصماتها عليه.. من دون ذلك، سنبقى نشتري السمك من الشوارع، والبسطات، دون أن نضمن سلامته ولا مصدره ولا طرق تخزينه وتسويقه.

وبس.

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 1
1
حسن عيد السيهاتي
[ سيهات ]: 31 / 10 / 2019م - 7:52 ص
احسنت سيد أثير .. كلام جميل ومهم .
نعم : لا نريد نظام الحملات فقط ... نريد ترتيب الاسواق بشكل نهائي .