آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 1:33 ص

عجبي!!!

حسين رضي أبو السعود *

لقد أثيرت منذ فترة طويلة ولاتزال كثير من علامات الاستفهام حول الجدوى المادية أو المعنوية للمطبوعات الحكومية وواقعها، فالجميع يعتقد بأن تلك المطبوعات مصدر من مصادر المعلومة الموثوقة بل أكثرها احترافية وتحري للدقة ووثيقة هامة للباحثين في شتى المعارف والعلوم الإنسانية، والاجتماعية وغيرها من العلوم كالبيئة، والزراعة، والمياه، والاقتصاد، والثقافة، والإدارة، والأمن والقانون.

ولكن المتأمل في واقع حال تلك المطبوعات ومدى إصرار بعض جهاتنا الحكومية من وزارات، هيئات، معاهد ومؤسسات على مواصلة إصدار مطبوعاتها يجد حالها يتقلب بين الترف وهدر المال وبين تزيين لتلك الجهات ومسؤوليها وبعضها والحق يقال حاجة وضرورة وطنية؟

فقد نجد بعض مسؤولي العلاقات العامة والإعلام في بعض الجهات الحكومية يصر على استمرارية إصدار مطبوعته رغم ما تعانيه من ضعف المستوى والمحتوى المهني بل قد لا يجد القارئ بها ما يستحق المطالعة ولكن الإصرار على الإصدار لا لشيء إلا من باب تسجيل هدف في مرمى خالي وهو تلميع صورة الجهة أو مسؤوليها أو الاثنين معاً، فصورة المسؤول تزين الغلاف والمحتوى والمحصلة هدر للجهد والمال لإبراز تلك الجهات ومسؤوليها!!!.

في المقابل والحق يقال نجد بعض الإصدارات الحكومية أو الشبه حكومية ذات طابع علمي، ثقافي، أدبي رصين ما تستحق من الجهة الدعم والرعاية من حيث الإخراج والطباعة والتوزيع ومن القارئ الاهتمام والمطالعة وسبر أغوارها، والأمثلة على ذلك كثيرة وعلى سبيل المثال لا الحصر مجلة ”القافلة“ والتي تصدرها شركة أرامكو السعودية منذ العام 1953م وهي مجلة ثقافية تشتمل على عدة مواضيع ومقالات متنوعة، مجلة ”المعرفة“ والتي تصدر عن وزارة التعليم منذ العام 1959م تعنى بالثقافة والتربية، مجلة ”الإدارة العامة“ والتي تصدر عن معهد الإدارة العامة منذ العام 1963م وهي دورية فصلية متخصصة ومحكمة تهتم بنشر الإسهامات العلمية الأصيلة وترجمة المقالات العلمية المنشورة في المجلات العالمية، فيما تصدر مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية مجلة ”العلوم والتقنية“ منذ العام 1988م إضافة لعدة مجلات علمية عالمية محكمة في مجالات المياه، الطاقة، والبتروكيميائيات، والبترول والغاز، والتقنية الحيوية، والنانو وقد أتاحتها المدينة مجانًا من حيث الاطلاع والنشر للقارئ والمهتم والمختص وقس على ذلك.

من هنا كان لابد من إنشاء هيئة رقابية مستقلة أو الاستعانة ببيوت الخبرة يوكل لها تقييم جميع المطبوعات الحكومية أو الشبه حكومية لنخل الجيد من الرديء، لدعم الجيد أو إغلاق الرديء وما كان بينهما فإيجاد له السبيل!

ومن وجهة نظري الشخصية لست من مؤيدي الحجب أو الإغلاق، بل اطالب إدارات العلاقات العامة والإعلام بالجهات الحكومية تطوير مطبوعاتها من حيث الشكل والمحتوى والمضمون وأن يواكبوا التطور المعرفي والثقافي واستقطاب أقلام هدفها الأخذ بيد هذه المطبوعة للرقي وزرع ثقة القارئ بها وسعيهم لأن تكون مطبوعاتنا الحكومية مصدر هام وموثوق للباحث عن المعلومة عن هذه الجهة أو تلك كما ذكرنا سابقاً لا أن تكون مطبوعاتنا الحكومية تماثيل يرص بعضها بجانب بعض لا ذوق لها ولا طعم، أو الاتجاه لتحويلها إلى مجلة إلكترونية تضمن لنا قلة التكاليف وخفض المصاريف.

والعجب كل العجب ما أحدثته وزارة البيئة والمياه والزراعة بأن جففت جميع منابع المعرفة والثقافة وكأن ليس على عاتقها أي مسؤولية اجتماعية، فبدءاً بالمجلة الزراعية والتي كانت منذ صدور عددها الأول عام 1953م وحتى إيقافها منهل ومعين في كل ما يخص الشؤون الزراعية بشقيها الزراعي والبيطري وكذلك المياه لكل قارئ ومتابع، بل إنها استقطبت قراء وكتاب لا على الصعيد المحلي أو الخليجي بل على مستوى العالم العربي من المشرق إلى المغرب، ولم تكتف الوزارة بإيقاف طباعة هذه المجلة فحسب بل أوقفت طباعة جميع أشكال المطبوعات التخصصية التي كانت تغذي المجتمع بها من ”نشرات وكتب وكتيبات“.

ويا عجبي...

طبيب بيطري – ماجستير طب وقائي - القطيف