آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 2:16 م

ولو رُدوا لعادوا

المهندس أمير الصالح *

آيات الكتاب المبين تورد جملة احداث زمنية ماضية وتسجل افعال وسير وردود افعال اقوام سابقين لمجريات الحياة وتعرض كل ذلك على المؤمنين لأهداف متعددة، على رأسها ترسيخ روح العضة وابقاء الضمير في الأنفس متيقظا لدى الانسان المعاصر والتنبيه للمؤمنين من الغفلة او الوقوع في تلكم الأخطاء المميتة. قطف ثمار الدروس المستفادة او العبرة lesson learned والوقوف على نتائج التجارب هي نماذج عمل تطبق في علوم الادارة الحديثة لإحراز اكبر معدل لنمو والسمو وهذا وربك لطريق الصالحين. الا انه هناك بعض الآيات القرآنية تورد مشاهد مستقبلية عن يوم القيامة وبعضها تصويري بكل التفاصيل والناقل للأحداث المستقبلية هو مالك يوم القيامة، الله جل جلاله. صور القرآن لبعض احداث مستقبلية تهتز لها القلوب الحية والعقول المؤمنة بالاخرة وتجعل القلب وجلا و مترقبا وموقنا؛ ومنها ماورد في سورة الانعام اية 28 عن حال بعض الجاحدين للحق ونمطية سلوكهم وردودهم عند مواجهتهم بالحقيقة الدامغة والادلة القاطعة في ساحة العدل الإلهي. فلك ان تتخيل انكار ادلة اليقين من قبل الجاحدين للآخرة وهم في وضع المتلمس الواقعي المحسوس للعذاب والحساب ونعيم يوم الآخرة والشاخص له ذاك أمام عينيه بعد حصد نتائج افعالهم في الحياة الدنيا ﴿... بل بدا لهم ما كانوا يُخفون من قبل ولو ردوا لعادوا لما نُهوا عنه وانهم لكاذبون.

هذه الآيه الكريمة يُستنطق منها عدة حكم وعبر وانماط تعامل يقينية مع بعض البشر، ومنها حقيقة ان بعض الانفس الجاحدة والناكرة والمتمردة على الحق والمتنكرة على الحقيقة حتى لو اضحت الحقيقة شاخصة امام ابصارهم وضوح الشمس. في حالة إقامة الحجة الدامغة عليهم، قد يبادرون بالقسم والتعهد بالالتزام بالحق ولكنهم متى تعود لهم الكرة حتى يثبون على النواميس الألهية ويعثون في الأرض فسادا من جديد. ديدن الكذب والمراوغة جزء لا يتجزأ من سلوكهم حتى لو ذُهب بهم إلى يوم الحساب ورأوا رأي العين أهوال يوم القيامة.

ولك ان تتخيل حجم مراوغتهم في الحياة الدنيا حيث يتعاملون مع أناس وبشر و ليس مع رب البشر!!!

اتسأل عن السبب لهكذا تنكر مع قوة اصداء الفضيحة ومعرفة مكنون النفوس؟! هل الأسباب هي الانغماس التام بالغواية temptations أو عدم الاكتراث للنتائج او كتم أي محاسبة للنفس على نمط ما يُسمى white collar crimes!

في حياتنا العامة العملية نحتك، أنت وأنا وهم وهن، بأنماط بشرية مؤدلجة عديدة ومتعددة وغير مؤدلجة؛ يحدو الكثير من العقلاء الأمل في كثير من الأحيان والمناسبات على خلق نطاقات مشتركة للعمل والتعاون وإفراز لغة تفاهم مشتركة ننطلق معها لافاق ارحب في الانجاز والاحترام المتبادل وتدعيم العيش السلمي الكريم والآمان النفسي وتفويت الفرص على الشيطان. الا ان بعض من الناس يصل بهم حد المشاكسات والعناد والاحتراب واثارة المشاكل الى حد القطيعة والدفع الى اسقاط كل جسور التفاهم وتاجيج المشاكل بالتحريض. و بعض من أولئك الموغلين في المشاكل ينكرون الحق ويتنكرون لاهله حتى بعد إقامة الادلة الدامغة عليهم و بلوغ الكلم الصالح مسامعهم. فيصاب الانسان السوي النفس والتربية والأهداف بالذهول لما يستكشفه مع تقادم خبرته العملية والعلمية والإنسانية والاجتماعية ب حقائق سلوكيات بعض الأنفس البشرية الجافة والجلفة والمشاكسة.

ولعل الآية القرانية الآنفة الذكر تؤكد حقيقة ان البعض انغمس في عالم السوء الى درجة انكار كل الحقائق والاستئناس بالنكران والاصرار على العودة على الفسق والرذيلة وايذاء الصالحين كما كانوا يصنعون في اثناء حياتهم الدنيوية حتى لو ارتحل الى عالم الآخرة. وهنا استشهد ب سورة مريم آية 45، يورد الذكر الحكيم في قوله: ﴿إني اخاف ان يمسسك عذاب من الرحمن فتكون للشيطان وليا. صريح الآية الكريمة توثق بان هناك بعض أناس يوالون الشيطان وعلى الإنسان الفطين والباحث عن النجاة استقراء سلوكيات وأساليب مقاربة أولياء الشيطان لكي يتفادى السقوط في حبالهم والنجاة من كيدهم.

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 1
1
جواد المعراج
[ القطيف ]: 5 / 11 / 2019م - 2:21 م
بهذا المقال يمديك ان تخترق العقول والقناعات وتغيرها بعد.. بس بعض الناس لا يمكنك اختراقها مهما فعلت وتعبت في نصحهم وارشادهم ..لا حياة لمن تنادي .. فمن الواجب عليك نصح بعض الاشخاص الذين ما زال لديهم القليل من الوعي.. وانقاذ البعض كي لا يقع بمكائدهم ويصبح من أمثالهم.. كما ذكرت في مقالك ..ودمتم بخير