آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 7:41 م

سيطرة العقل اللاواعي

محمد الدهان

الإنفعالات، ردود الفعل القاسية، وسرعة الغضب، ظواهر سلوكية في مجتمعنا للأسف أثرت على علاقاتنا كثيرا بين الأهل والجيران والأصدقاء مما أثار فكري وفضولي حول هذه المشاعر السلبية عن أسبابها وتفاصيلها.

لاسيما محاضرة سماحة العلامة السيد منير الخباز في ليلة السابع من شهر محرم الحرام لهذا العام 1441 في الوقوف عند نظرية عالم التحليل النفسي ”فرويد“،

حيث قسَّم فرويد العقل إلى قسمين، ”العقل الواعي“ و”العقل اللاواعي“،

وكل إنفعالاتنا الحادة وردود أفعالنا القاسية وغضبنا على امور لاتستحق كلها صادرة من العقل اللاواعي من دون تركيز وبطريقة لا إرادية،

تصدر منا هذه السلوكيات حتى من دون ان نكترث او نفكر ماذا ستجلب لنا من نتائج، فقط نريد ان نعبر عن ما أنتجه العقل اللاواعي من مشاعر وكفى.

مأكدين ذلك في تعليقاتنا:

- أنا عصبي، دمي حار، ما أقدر أجامل.

ولو حاولنا أن نتمالك مشاعرنا ونمسك أعصابنا ونفكر بأن هذا الإنفعال أو هذا الرد لاينفع بل يضر، وينبغي علينا أن نعبر عن مشاعرنا بأسلوب آخر أو ننسحب انسحاب تكتيكي لنعاود في وقت انسب وأهدء، «هذه المحاولة يُعبر عنها ”بسيطرة العقل الواعي على اللاواعي“ وهذا مانحتاجه فعلاً»،

لكن سرعان ماتفشل المحاولة، فتجد معظمنا داخله بركان هائج، وهذا البركان لانستطيع مقاومته فينفجر في اي وقت بسبب لياقتنا ضعيفه في ممارسة الحِلم،

بل هي دلالة على ضعف الشخص نفسه لا كما يظن البعض أنها قوة،

قال أمير الكلام الإمام علي بن أبي طالب :

”أقوى الناس من قوي على غضبه بحِلمه“.

غرر الحكم

وفي قوله تعالى:

”الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ? وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ «134»“

سورة آل عمران

”وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ? ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ «34»“

سورة فصلت

وآيات كثيرة تحث على الحِلم وعدم الانجرار الى الإنفعال اللاواعي السلبي.

لذلك قررت منذ فترة ممارسة ”سيطرة العقل الواعي على اللاواعي“ بشكل متواصل ومهما فشلت سأعاود التكرار بأساليب عدة،

ذات مرة.. ذهبت للخياط وطلبت منه عدد معين من الثياب لي،

كان المبلغ المطلوب 440 ريال،

فوددت أن ادفع لهم عن طريق خدمة الواي فاي،

جيء بالجهاز وقد سُجل فيه بالخطأ مبلغ 4,400 ريال بدلا من 440 ريال،

وأنا وضعت جهازي الجوال من دون التأكد من المبلغ وأضفت الرقم السري للبطاقة وتم الخصم من حسابي 4,400 ريال،

وفي السيارة انتبهت لرسالة الإخطار البنكية بالخصم وتفاجأت،

وقتها خطر في بالي ماذا ممكن أن يحدث من شخص لشخص في العقل اللاواعي،

- من الممكن أن نعيش حالة من الاحساس بالمؤامرة أن كل شيء كان مدبر كمحاولة لأختلاس بعض الأموال ولو لفترة من الزمن بالمماطلة في ارجاعها او حتى ارجاعها باقساط مريحة.

- من الممكن ان تجتاحنا حالة من الغضب باتراشق بالتساؤلات والاهانات،

هذا استهتار،

معقولة تغلط هالغلطة؟!

كيف؟! هذا اهمال وتسيب،

ياخي اذا ماتعرف تستخدم الجهاز لاتورط خلق الله،

وهلم جرا...

لكنني رفضت كل تلك الخيالات ثم نزلت من سيارتي ورجعت للمحل:

السلام عليكم

اخوي الظاهر انكم خصمتو علي مبلغ غلط وأريته الرسالة البنكية

وبعد ماتأكد من الايصال الذي عنده

ارتبك وتلعثم وشعرت بأنه اصابه تلبك في المعده، واعتذر اعتذارا شديدا،

قلت له حصل خير وهدء من روعك، الآن كل ما اريد هو استرجاع المبلغ الذي اخذتموه،

بعد فحصه للدرج والمحفظة سألني هل من الممكن أن تأتي غدا لاسترداد المبلغ؟

قلت له اعتذر انا احتاج المبلغ اليوم، بإمكانك الذهاب للصراف وتسحب المبلغ بعد اذنك،

وفعلاً جمع لي المبلغ واسترددته في وقتها بكل احترام وود.

الفرق الذي جعلني أشعر بالانجاز والسعادة هو أنني استرجعت المبلغ وأنا بكامل هدوئي وفي الأعم الأغلب في هذه الحالات نسترد المبلغ بارتفاع الضغط والسكر للأسف.

ولعل كتابتي لهذا الموضوع هي ردة فعل لكنها ان شاء الله ردة فعل صادرة من العقل الواعي