آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 12:54 ص

رأيي وبكيفي!

سلمى بوخمسين صحيفة الرأي السعودي

في المجتمعات الشرق أوسطية التي بقيت خاضعةً بشكلٍ محكمٍ جدًا لهرمية الدين والقبيلة حتى وقتٍ قريب وكانت تُغيّب صوت الفرد تمامًا بين «سم طال عمرك» و«إذا حكى الشرع الكل ياكل تبن»، يأتي استقبال مفاهيم جديدة كحرية الرأي مربكًا مبهمًا وغير واضح الخطوط والمعالم مما يؤدي بشكل مباشر إلى سوء استخدامه على نطاقٍ واسع وتحميله أكثر مما يحتمل.

فالقفزة الهائلة السريعة ما بين لعب دور المتلقي فقط وبين حصول الجميع دون استثناء أو استحقاق على منصات ميسرة لتوصيل أصواتهم «والتي قد تكون زعيقًا أو نهيقًا أحيانًا» لم تأتِ ناضجةً بما يكفي ولم تهبط بسلام.

فاليوم، حرية الرأي أصبحت مظلة شرعية للتنمر، الاستهزاء والشخصنة، فبدل مناقشة الأفكار كأطروحات قائمة بذاتها نتفق أو نختلف معها، يهب المتسلحون بحرية الرأي المزعومة لمناقشة الأشخاص أنفسهم، ابتداءً بملامحهم، ملابسهم، خصوصياتهم وقراراتهم الشخصية، وانتهاءً بتصنيفهم أو تجريدهم من حق امتلاك الرأي، فستجد مثلًا من ينشغل عن مناقشة مقالة ما بالتعليق على رسمة شارب الكاتب والطريقة التي يحدد بها لحيته، مدرجًا تنمره وقلة ذوقه تحت ذريعة حرية الرأي.

أو من يتهجم على فنان أو فنانة لقرار شخصي كارتباط أو انفصال أو ارتداء الحجاب أو خلعه تحت ذريعة حرية الرأي، أو من يصنف أحدهم بالأحمق أو السفيه أو العلماني أو المتطرف، أو أو أو…، تحت ذريعة حرية الرأي.

إن جولة خاطفة في وسائل التواصل الاجتماعي ستريك كمًا هائلًا من البذاءة والوقاحة وسوء الخلق مذيلة بجملة إخلاء المسؤولية الأخلاقية الأنسب «هذا رأيي وعليك أن تحترمه».

عزيزي القارئ / عزيزتي القارئة، قبل أن تدلي برأيك حدد أين يقع، في دائرة الأفكار أم دائرة الأشخاص، فإن كان في دائرة الأفكار فلك أن تعبر عنه موافقًا أم مخالفًا، أما إن كان في دائرة الأشخاص فالقاعدة التي لا تتغير، قل خيرًا أو اصمت.

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 1
1
adel ashour
[ qatif ]: 17 / 12 / 2019م - 9:23 ص
سلمت قلمكم الأنيق ,
رسالة مختصرة بليغة واضحة , درس وموعظة حسنة لكل من يبحث عن التغيير في فكرة وعدم الإصرار على الخطأ والمكابرة . جزاكم الله خير الجزاء ونفع بكم الأخيار .