آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 11:37 ص

موروث جص القطيف يصنع حضارة

محمد المصلي *

الأستاذ القطيفي كما يسميه الأهالي استطاع أن يحول كومات التراب في البرية بعد تصفيته ونقعه ثم تجفيفه وحرقه إلى مورد مهم متكيف مع طبيعة الخط التاريخية منذ آلاف السنين إنه مزيج متجانس مع المتطلبات الحيوية للمنازل والحمامات والعيون والحسينيات والمساجد حوّلها إلى مراكز يلجأ لها صيفا باردة وشتاء دافئة.

في معرض الصور الفوتوغرافية الثاني للأستاذ إسماعيل هجلس معلم التربية الفنية «ملامح وطن» تمحورت المضامين البصرية عنده على اللقطة المحورية للموضوع الأدبي ولا أعتقد أنه أهمل المسار الفني في الزوايا والنواحي التقنية.

فدراسته للتربية الفنية لا بد أنها أعطته رؤية فنية لحصاد لقطات تقوم على بعض القيم الفنية، ومساحة معرفية للأسس الجمالية ويدخلها في مجال التصوير حيث نظرة الدارس لتلك المبادئ ترشده مداركه إلى أفضل مكان مناسب لاختيار المنظر جماليا قبل أن يكون وثائقيا.

لقطات متنوعة من صور لبعض المباني للعمارة التقليدية في بعض أحياء القطيف كالقلعة والديرة وغيرها

ركز المصور على ما صنعته الأيادي السمراء القطيفية، وكيف أوجدت هذا الفكر في استخدام خامات البيئة المحيطة من الموارد الطبيعية البحرية والبرية والزراعية القطيفية.

يطلق على التصوير «بالإنجليزية: Photography» أو التصوير الضوئي بأنه تقنية حفظ أو تسجيل الأشكال والمناظر من خلال الضوء.

إلا أن الفنان يعطينا جوهرة براقة مليئة بالرموز والحياة من خلال رؤيتة البصرية الخلاقة.

اللقطة الفنية:

بحكم قيامي بتصوير الديرة 1402 وإقامة معرضي في الخبر ثم في تاروت، وإن كان الهاجس فني إلا أن التوقيت طغى عليه الجانب التوثيقي للخوف من اندثاره وفعلا هذا ما حصل.

أحسست بشعور هجلس في لوحات اتخذ فيها المسار التقليدي للتوثيق كالتناظر والتطابق أحيانا.

وهذه تخدم الدارسين والباحثين والمهندسين أكثر كما أنه تكلم عن الرموز الزخرفية والبيوت التقليدية في الكتاب المطبوع الذي بيع مصاحبا المعرض تحت عنوان «روعة الماضي وجلال القدم» وبه صور بانورامية جميلة ولقطات ملفتة ومعلومات جيدة ولكنه لم يوفق في اختيار خط الكتابة باللون البني على خلفية الورق الأسود مما يصعب القراءة الا في الإضاءة القوية.

ان تواجد البعد الرمزي والمعرفي الديناميكي، هو ضمن الأهداف الإنسانية في توظيف دائرة التوثيق والبحث والاسترسال.

فالعناصر الرمزية في الأيقونات القطيفية تعبير بالجمال والرفاهية.

هذا ما قامت به الباحثة لطيفة بنت الدكتور علي المغنَّم بالدراسة البحثية المستفيضة في رسالة الماجستير «الزخارف الجصية في القطيف» وأقدم تقديري لإدراج «متحف المصلي» ضمن من شكرتهم في إعطاء الصور والمعلومات لتطوير البحث.

انقسمت أعمال هجلس المعروضة بين مجسمات معمارية ولوحات ضوئية

أولا: المجسمات المعمارية: استخدم تقنية النحت على الطوب الأبيض واهتم بالتفاصيل الزخرفية والنقوش الشعبية المستمدة من الأشكال الهندسية والنباتية والرموز الشعبية وغيرها.

تمنيت له الاستعانة بخامة أفضل كالطين أو الخشب لأن الطوب وإن أجاد الشكل الخارجي إلا أن الخامة لم تستخدم للأعمال الاحترافية.

أخذ تصميم المجسمات الشكل الأصلي للحَجَر متوازي المستطيلات إلا أحدها اتخذ شكل اصطواني كرمز لأحد أبراج القطيف.

واعتمد في تصميمها إلى جزئين.

السفلي: يتسم بالأقواس التقليدية ومعظمها المدبب. أما العلوي فاحتوى على النقوش المستوحاة من الزخارف الجصية بطريقة البارز والغائر، إلا أحدهم اتسم بالشكل التجريدي.

وهناك أعمال بطريقة أخرى بالطوب بارزة كلوحات على الجدار بإخراج جيد اثنتان كقالب مزخرف والوسطى بتصميم القبة من بيت أبو الرحى على مراية تصلح لنواحي ديكورية تجميلية نجح في تصميمها قطيفيا.

الصور الضوئية: المعروضة:

1 - نافذة، 2 - نافذة وطرة مزخرفة، 3 - قوس، 4 - خلوة: عمود وقوس، 5 - كرنيش، 6 - أقواس وشرائطها، 7 - قوس وأعمدة، 8 - زخارف وملفظ، 9 - مشخال: روشن، 10 - أقواس وأعمدة في مربعة، 11 - نفس المكان مع الإضاءة، 12 - قوس وروشن، ثم صور عادية تحددت حول الزخارف للرواشن،

في معظم اللوحات هناك جانب عاطفي بالتركيز على الناحية الزخرفية والاهتمام بالدقة والتوضيح لها دلالات النواحي الاجتماعية وأضفى البعد الروحي بما ذيله من عبارات كتبها على كل صورة للمجالات الهندسية للأقواس والنوافذ وأقسام البيت القطيفي ثم ضمنها النواحي الجمالية وأهمية النقوش في صبغة فنية نفعية ممتعة.

إلا في صور الأقواس فقد لاحظت التباعد بين الأقواس والشرائط مما أعطى اللوحة عمق ميداني وخاصة في لوحة المربعة حيث البعد الثالث تجلى بوضوح يسمح للمشاهد في هذا الفراغ كيف جلس الأب بحميمية مع أبنائه في هذا المكان الاجتماعي

وفي الصورة الأخرى أكد على الاستفادة من التباين بين الداكن والفاتح من القوس حتى النافذة

الإضاءة: تشكلت اللوحات بفعالية المصور المحترف في انتزاع الضوء من مكامنه كما في اللوحة 10,11 الأقواس والنافذة حتى انتشرت على جوانب الأعمدة والأقواس.

أما في الصورة 7 منارة مسجد تطل من خلال قوس فالظلال أخذ نصف المشهد وقد تكون الأسباب تعذر وقوف المصور في المكان المناسب أو اهتمامه بإبراز جمالية المنارة، فأهمل تقييم النور.

وقد أضاف هجلس فيلم يعرض في الصالة للمراحل والمحطات التي قام بتصويرها ودراستها في أماكن التصوير وهذه لها دلالات زمكانية مرتبطة بالتوثيق التراثي.

الفنان محمد المصلي ـ ناقد فني