آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 4:37 ص

تحديات أداء فريضة الصلاة في الحل والترحال

المهندس أمير الصالح *

هل أديت يوماً ما صلاتك كصلاة ميكانيكية لاداء الواجب فقط أم أديتها صلاة عبادية مملوءة بالخشوع والتبتل منذ أن تعاهدت الصلاة حتى يومنا هذا؟

هل تصلي معظم الوقت وأنت تستشعر الخوف من الله والخشوع لـ «الله العلي القدير»، أم تصلي معظم الوقت وأنت تخاف مما قد يقع عليك من ضرر من بعض البشر لأسباب مختلفة سواء في بلادك أم في غربتك؟

هل تنصح ابنك أو ابنتك بتوخي الحذر اثناء أداء الصلاة في الأماكن العامة كالحدائق أو المجمعات أو الرحلات الخلوية أم أنك تشجعهم على اداءها حيثما كانوا وفور دخول وقتها بغض النظر عما يدور حولهم؟

عندما تكون في سفر لوحدك لبلد غير إسلامي يغلب عليه المعاداة للإسلام أو بلد اسلامي يغلب عليه التشدد أو مع قروب سياحي اجنبي غربي أو مستخدم وسيلة نقل عامة في رحلة طويلة الوقت بدولة أجنبية، هل تجامل الآخرين بتأخير الصلاة أم تنجزها في وقتها حيثما كنت أو تنتظر لحين وصولك لمقر إقامتك وان تجاوزت وقتها؟!

سلوكيات بعض المسلمين عند أداءهم فريضة الصلاة في اماكن ما قد يوقعون أنفسهم في حرج شديد أو مشاكل مع الآخرين هم في غنى عنها نتيجة لسوء التقدير بالظروف الزمكانية أو سذاجة السلوك من قبلهم. وبعد خوض بعض المسلمين لتجارب عبادية، في أماكن متشدد سكانها فكرا، سيئة العواقب قد يؤل حال بعضهم كردة فعل من سوء تصرفاتهم وتقديرهم فينقلب بعضهم على أعقابهم بترك الصلاة.

إيماناً مني بأن الله انزل لنا الإسلام رحمة بنا وهداية لنا «طه، ما انزلنا عليك القرآن لتشقى... الآية»، فاني ساشارك مع القراء بعض تجاربي بانتخاب سلوك محدد في اداء واجب الصلاة في أماكن متفرقة من العالم.

لن أتكلم عن أي شخص أو مشاهدتي لغيري في هذا الصدد وساحجب ذكر بعض المناطق وبعض الدول عمدا لاثراء الحوار.

كمقدمة للموضوع أود اولا أن أشكر والداي فجزاهم الله خير الجزاء على تعليمهم اياي على أداء الصلاة في أوقاتها وتربيتهم اياي على الخشوع أثناء اداءها وإحترام فريضة الصلاة؛ وأشكر أخي علي لفضله في تعليمي تراتيب وأحكام الوضوء وأركان الصلاة وأحكامها ومبطلاتها. كبرت وأكتشفت العالم المحيط بي وبما فيه من اختلافات مذهبية ودينية وعقائدية وتجاذبات كلامية وسجالات تاريخية ووجوب ملاحظتي لتلكم الاختلافات أثناء أداء صلاتي في أي بقعة من العالم أكون. ثم كبرت أكثر واطلعت على الاحتقانات الطائفية والحروب الدينية والحروب الأهلية في اصقاع العالم والتشنجات العرقية وتداخل الدين بالسياسة ووجود وانتشار حالات التطرف في العالم وظاهرة الاسلاموفوبيا وصعود التيار اليميني في العالم ومواقف اليسار وبزوغ ظاهرة الإلحاد و.. و... الخ. ولكون كل انسان له عقائدة التي يعتقدها وتنعكس بعضها في سلوكه وتعامله مع الاخرين، وجب ذلك مني الاحتراز حيثما وأينما أقيم صلاتي كمسلم يمارس واجباته العبادية المطلوبة منه في حله وترحاله. كما اراعي كلامي والمواضيع التي أخوضها مع الآخرين، علي ان أراعي مكان اداء صلاتي أيضًا.

في الفقه القانوني المتعارف عليه، يراعى القانون الحفاظ على الكليات الخمس: الدين والعقل والنفس والمال والشرف. الا ان حالات الاعتداء والهتك التي تقع في ارجاء المعمورة تؤكد بان هناك اُناس لا يقيمون وزنا للحرمات وينتهكونها ليلا ونهارا. وهذا وذاك يستدعي من الانسان العاقل توخي كامل الحيطة والحذر لكي لا يكون فريسة سهلة للمتطرفين وشذاذ الأمم ومنتهكي المقدسات. هنا يبرز للمتنقل بين القارات والدول سعيا للرزق او العلم او العلاج او الاستقرار، انه في تزاحم بين مراعاة الصراع الايدلوجي في العالم المحيط ووجوب اداء الصلاة خمس فروض يومية في أوقاتها المحددة؛ وقد لا يتاح للإنسان في اداء واجباته الدينية اليومية التواري عن أنظار الناس. والصلاة في نظر البعض هي بمثابة اعلان صارخ للانتماء الفكري وقد تعني في مخيلة ذاك البعض المتطرف انها علامة تحدي لهم او تشكل تهديد منظومتهم الاجتماعية كما هو المشاهد من حزب باغيدا الالماني!! فما هي الحلول والسبل لمعالجة هكذا تزاحم بين اداء الفروض ومكان الاداء.

شخصيا عملت تقسيمات زمكانية عند اداء الصلاة مع قراءة مؤشر كل محيط اجتماعي اكون متواجد به وقراءة التوجه الاعلامي لتلكم المنطقة واعلامها المحلي والإعلام العالمي في التعاطي مع اخر احداث العالم الاسلامي يومذاك. فمن تقسيماتي الذهنية هو ان صلاتي في:

1 - المساجد التي استقرئ سيطرة تيار متشدد عليها، ولم اجد بديل عنها، تكون صلاتي فيها سريعة وبعد او قبل تقاطر المتشددين. للمسجد؛ فلقد سجلت بام عيني سب وقذف تعرض له رجل مسلم بعد اداء صلاته من قبل متشددين لاختلافهم معه مذهبيا. وقد طردوه من بيت الله فقط وفقط لانه يسبل في صلاته!

2 - السفر بالطائرة مع شركة نقل اجنبية غربية، تكون صلاتي جلوسا وانا في مقعدي مع مراعاة خفض الصوت لحجب اي همسة او إشارة او زوبعة قد يحدثها احد الركاب اليمينيين المتطرفين. فتوجيه تهمة ارهابي في حق كل مسلم يؤدي صلاته داخل الطائرة من قبل بعض الركاب قد تؤدي إلى إلغاء رحلة الراكب المتهم كما قرأنا في بعض الحوادث في بعض الأوقات المشحونة.

3 - السفر بالطائرة مع شركة نقل اجنبية شرقية: تكون صلاتي مخططة على ان انجزها من جلوس وانا في مقعدي مع مراعاة استكشاف امكانية اداءها من وقوف ان أمكن ذاك. مع مراعاة عدم الجهر بالصوت.

4 - مع مراعاة الظروف والأحداث الزمكانية، في أماكن الترفيه العائلي الخاصة في دول الغرب، احاول استكشاف الأماكن المتوارية عن انظار الجمهور واداء الصلاة فيها بأسرع وقت ممكن. تكون الصلاة حين ذاك مجردة من اي مستحبات والاكتفاء بالواجب من الاذكار.

5 - في أماكن العمل بمكاتب اجنبية خارج البلاد كموظف عند شركة اجنبية لا توفر مكتب خاص او مكان مستقل لاداء الصلاة، اضطر حينذاك للعودة لمكان الإقامة واداء الصلاة هنالك في وقت الغداء إذا كان مكان الإقامة قريب. او أداء الصلاة في المكتب بعد انصراف الموظفين وقت الغداء.

6 - في أماكن العمل بمكاتب اجنبية خارج البلاد كموظف منتدب عن قبل شركة محلية، أصلي بمكتبي المخصص وأنا في حالة خشوع تام وتبتل.

الطلاب المبتعثين لهم تجاربهم

وقد تكون تجاربهم كنوز ملهمة في استحصال حق توفير مكان للعبادة كما حدث في بعض الجامعات الأمريكية كجامعة اريزونا بمدينة تيزون بولاية اريزونا بالولايات المتحدة. المسلمون في ديار المهجر من ابناء الجيل الاول والثاني والثالث هم أيضا في ذروة الإثراء بتجاربهم في هذا الموضوع، والمواضيع ذات العلاقة، لا سيما من هم كثيري السفر من حاملي الجوازات ذات الوقع المختلف؛ ونتطلع لان نسمع لتجاربهم.

تنصل: هذه المقالة تعبر عن تجربة الكاتب في إنجاز اداء الصلاة وإدارة اداء الفروض تحت ظروف زمكانية مختلفة بناء على تقييم الكاتب لوضعه يومذاك، وليست المقالة بصدد طرح اي استفتاء أو ابداء او ترجيح اي رأي فقهي. يرجى ممن يود الاستفتاء الرجوع لأهل العلم للافتاء.