آخر تحديث: 24 / 4 / 2024م - 11:56 م

المؤشر - الحلقة 1

المهندس أمير الصالح *

يقال في علوم ادارة التحكم ان ”ما تستطيع قياسه تستطيع التحكم فيه“ وتكتب باللغة الإنجليزية ك التالي:، what you can measure you can control.

تطور هذا المفهوم لفكرة قياس الامور المكيالية quantitative ليتفرع من ذلك عدة تطبيقات ومنها ادارة التحكم، process control ومؤشرات القياس وقياس الانجاز... الخ. وتدحرج الموضوع بشكل سريع في الدول الصناعية حتى انطلقت حديثا منظمة تقنية مهنية تحت اسم مؤشرات اداء القياس المعروفة باسم key performance index، KPI organization. وهي منظمة مهنية تعني بالتدريب والتعليم والتطوير ووضع التوصيات والمنارسات الصحيحة في انتقاء مؤشرات الاداء في الشركات والمشاريع.

لك ان تتخيل كيف ان المجتمع الخلاق والناهض استطاع ان يصيغ مفاهيم حول كلمة او مجموعة كلمات ويجعلها صناعة ادارية ومهنية قائمة وبعدة تطبيقات ولها وجود عالمي ومقايس ومرجعيات. واضحت التقارير الاقتصادية والتقنية والمؤتمرات ذات العلاقة تنهمر كالسيل لتحسين اداء الشركات وتحقيق الاهداف بناء على قراءة المؤشرات. في المقابل ينغمس المهدرين لأوقاتهم بإرسال أطنان رسائل ومقاطع فيديو عديمة القيمة والمنفعة الى ابناء مجتمعهم ليل نهار. والاسوء من ذلك ان المرسل يعاتب المرسل لهم لعدم قراءتهم واطلاعهم على محتوى الفيديوهات والرسائل الجوفاء التي يرسلها!. والأكثر مرارة من ذلك ان بعض المرسلين قد يظن بان الاخرين أهملوه فيظغن من لم يتفاعل معه في رسائله الالكترونية المتضمنة لمقاطع فيديو غير ذات قيمة او معنى او مكررة او قديمة!

من الأجدى لم يود ان يساهم في دفع حركة الارتقاء في مجتمعه ان لا يفرض رسائله الجوفاء على الأخرين وعليه ان ينشغل في انتقاء ما يخدم وجوده ك عنصر بشري فاعل في أسرته ومجتمعه ومحيطة. ولعله من الاجدى ان يسأل ذاته سؤال قبل ان يزيل اي رسالة الكترونية: ماذا سيستفيد المتلقي عند إرسال تلك الرسالة الالكترونية له؟ وهل انا مسؤول ان أرسل هذا الكم من الرسائل للآخرين. لعل الامر يحفز قراءة المشهد بصورة ثانية وهو: كم جميل لو ان الإنسان تفاعل مع ابناء الحي وافراد اسرته بإرسال كلمات تحي القلوب وترسخ الأخلاق وتزيد مستوى الاداء وتعمق الثقة وتوسع الوعي وافق المعرفة والايمان.

ليكن لكل منا baseline وlagging indicators وleading indicator وthreshold وbenchmark في اي امر نستطيع قياسه ونود ان ننجزه ونتفوق فيه مع انفسنا او مع عائلتنا لكي نتعلم من الإخفاق فنتجنبه او نزيد مستوى النجاح فنحتفل به. على المستوى الفردي قد يكون تخسيس الوزن بعدة كيلو غرامات / السنة، او معدل زيادة التمارين البدنية وحرق الكالوري / الاسبوع، او تعلم لغة جديدة من خلال زيادة اتقان الكلمات المنطوقة/ السنة، او زيادة الارباح المالية / الشهر امور نستطيع قياس الاداء فيها ومقارنتها مع الاسابيع السابقة وبذلك نتحكم في تحسين الاداء وتصحيح المسيرة. وعلى المستوى العائلي، قد يكون الالتزام بزيادة معدل الوقت المستنفذ مع العائلة/ اليوم او عدد الرحلات الأسرية / السنة او عدد حلقات دروس الأخلاق المعقودة مع الابناء / الأسبوع او عدد الرسائل المحفزة المرسلة للابناء /الأسبوع امر مهم وضعه على خارطة قياس الاداء لكل فرد منا. فالقرآن الكريم يحث على استدراك المسؤولية قبل فوات الأوان: «و قفوهم انهم مسؤولون».

قد يكون من المحفز ان يدون كل شخص منا بنهاية كل يوم وبشكل يومي الامور التالية:

1 - ماهي افضل ثلاثة اعمال قام بها خلال ذاك اليوم

2 - وما هو العمل الذي يمكنه ان يعمله في الغد ليجعل غده افضل من يومه. اي ان النسبة ثلاث انشطة منفذه وجيدة النتائج مقابل ادراج نشاط واحد فقط متعهدا فيه ليكون الغد افضل انجازا. وعند ولوج يوم الغد، قم بانجاز ما هو الأفضل الذي دونته وبنهايته قم بتدوين ثلاث اعمال جيدة قمت بها والتخطيط على إنجاز عمل واحد بشكل افضل؛ وهكذا دواليك في كل يوم لتحسين وتطوير الذات.

وهذا النوع من التحفيز والتنافس الذاتي يجعل الجميع منجز للاعمال بشكل جيد ومتقن لاعماله. أسأل الله ان يستثمر كل صاحب جوال جواله لزيادة أداءه الشخصي وزيادة روح التحفيز للخير بين ابناء المجتمع. فيا اخي / اختي صاحب / ة الجوال اما ان ترسل / ترسلين لمن هم حولك رسائل خير وعلم ومنفعة او اصمت. فالإنترنت يعج من جهة بكل أنواع المهرجين ومقاطع الفيديو المتعلقة بهم وما زال، وفي ذات الوقت يزخ الانترنت بامطار العلوم النافعة ودروس مفيدة ووثائقيات وشروح مبسطة. فاختر يا استاذي ما تود ان يراه الناس فيك ومنك. فلكل منا مجموعة مؤشرات نقرأ من خلالها المحيط ونبني قراراتنا وافعالنا على ضوء ذاك.

ملحوظة: تركت الكلمات الانفة ب بعالية مكتوبة باللاتيني لكي استحث من يود ان يستفيد من هذا المقال بالبحث عن المفهوم والترجمة للكلمات المذكورة فلعله ازكى من استنزاف الوقت فيما لا قيمة له.