آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 4:57 ص

كم حبّة في اليوم؟

جلستُ صباحَ أمس حوالي الساعة في ردهةِ مستشفى أنتظر صديقاً لي، وفي طول تلك المدة كان المرضى يصطفونَ عند نافذة صيدلية المستشفى ويغادورهَا بأكياسٍ مليئة بأصنافِ الدواء. من نعم الله على الإنسان أن يحميه بالعافية فلا يحتاج الدواء.

في هذه الجلسة القصيرة طاف في خاطري أسئلةُ غير مختص بل متسائل: هل كلُّ مريض يحتاج هذا الكم من الأدوية؟ ربما بعضها لمدة طويلة، ولكن من تجربتي يصرف الطبيب لكثيرٍ من المرضى أكثرَ من صنفٍ من الدواء، بل أصنافاً متعددة. من الأفضل ألا يكون المريض بنفسه مسؤولاً عن الإستهلاك المُفرط للأدوية؛ حيث يشعر براحة أكبر عندما يغادر عيادةَ الطبيب وفي يده كيسٌ كبير تملأهُ دزينةُ أدوية من المراهم والحبوب، بدلاً من الخروج خالي اليدين وانتظار اختفاء بعض الأعراض والأمراض بعد مدة من تلقاء نفسها!

هل هناك دواءٌ واحد لأكثر من داء فيكتفي المريض به دون اثنين؟ أم هل شركات ومصانع الأدوية تغولت ولم تعد ترغب في صنع ذلك الدواء، ومن المعروف أن شركات الدواء من أكثر الشركات ربحية في العالم، بحيث أن في زاويةِ منزلي عدة صيدليات تبيع الدواءَ والمنتجات الطبية!

هل يمكن للمريض أن يستغني عن بعض الأدوية التي ربما ضررها من ناحية أخرى قد يفوق ما وصفها الطبيب من أجله؟ أم تعقدت الأمراض فلا يمكن الشفاء إلا بدواء؟ ومن يضمن أن تداخل الأدوية وتمازجها في أجسامنا إذا تعددت لا تخلف دماراً وضرراً أكثر من الأمراض ذاتها؟

أسئلةٌ لا حصر لها فاكتفيت بالدعاء لكل مريضٍ ولنفسي بالعافية، وألا نحتاج زيارة مشفى اليوم الذي يحتوي على أحدث الأجهزة وأحذق الأطباء وأكثر الأدوية وتمنيت لو أن هناك ما يدعيه الهنودُ والآسيويون من أنَّ شجرةً واحدةً تحوي مفتاحاً لكل الأمراض!

جاء صاحبي وأنا لا أزال أسأل: هل تعقد المرض أم المريض أم الدواء ومن يصنعه، أم كلهم؟ أسئلة تبدو أنها من قاصرٍ في مهنة الطب لكنه شاهد ورأى ما تصنعه بعضُ الأدوية بكثيرٍ من المرضى وتنوع العلاج الذي يصفه الأطباء العامون واختلافه عن الأدوية التي يصفها الأطباء المتخصصون، أو تلك التي توُصف للمريض أثناء تلقيه العلاج في المُستشفى!

بقي في رأسي عافنا الله كلنا فلا نحتاج ذلك الكيس...

مستشار أعلى هندسة بترول