آخر تحديث: 23 / 4 / 2024م - 9:39 م

العيب.. المجتمع

محمد أحمد التاروتي *

تتردد مفردة ”العيب“ على السن الكثير من الفئات الاجتماعية، بعضها يدخل ضمن دائرة ”المحظورات“، والبعض الاخر يدخل ضمن مفاهيم مغلوطة، بحيث ساهمت تلك الكلمة في خلط الكثير من الممارسات ضمن دائرة ”العيب“، خصوصا وان بعض التقاليد الاجتماعية تدفع باتجاه توسيع دائرة ”العيب“، لتغطي العديد من الممارسات، مما يجعل الخروج من تلك الدائرة عملية صعبة، وأحيانا محفورة بالمخاطر، نظرا لوجود ”طابور الخفي“ يمارس ضغوطا كبيرة، على إبقاء تلك ”المحظورات“ غير الواقعية راسخة في الوجدان الاجتماعي، وبالتالي فان محاولة تصحيح ”العيب“ يتطلب الكثير من العمل، والمزيد من صياغة المفاهيم المغلوطة، بما ينسجم مع القيم الدينية والمفاهيم العقلانية.

محاولة الانفكاك من ”العيب“ ليس حراما، او خروجا عن الاجماع الاجتماعي، بقدر ما يمثل انتصارا للقيم العقلانية، ورفضا للقواعد الخاطئة، التي رسختها الثقافة الاجتماعية المغلوطة، خصوصا وان الاستسلام يؤسس لمبادئ ”قاتلة“، وغير نافعة على المدى البعيد، لاسيما وان قواعد اللعبة الاجتماعية في تغير مستمر، وتطور كبير، مما يفرض مفاهيم قادرة على استيعاب الحاضر، والانطلاق برؤى منفتحة للمستقبل، وبالتالي فان محاولة قتل ”العيب“ المغلوط يصب في خدمة البيئة الاجتماعية، ويكسر الصنم الجاثم على رؤوس المجتمع، خصوصا وان الاستسلام للطابور الخفي لا يخدم التطور الاجتماعي، بقدر ما يكرس واقعا بائسا، لدى الأجيال على اختلافها.

التحرك بروح منفتحة للتعاطي المسؤول مع ”العيب“، يسهم في استيعاب الكثير من الضربات الصادرة من الطابور الخفي، خصوصا وان عملية التصادم المباشر لا تخدم المساعي للتحول التدريجي، لمفاهيم ”العيب“ غير المنضبطة، اذ يحاول ”الطابور الخفي“ جر الأطراف الساعية للقضاء، على سلطة ”العيب“ المغلوطة نحو المواجهة المباشرة، بعضها لاهداف شخصية بحتة، والبعض الاخر بهدف القضاء على تلك المحاولات في المهد، بيد ان امتلاك الوعي الكافي، والقدرة على امتصاص الضربات، بحيث يسهم في استمرار المسيرة، والتغلب على المصاعب العديدة المتعلقة، باحداث ثقافة مغايرة لمفاهيم ”العيب“ الخاطئ.

وجود القاعدة الشعبية المتفهمة لمقاييس ”العيب“، يسهم في التغلب على ”الطابور الخفي“، الجاثم على صدور المجتمع، خصوصا وان الاختلاف يكمن في التعاطي الخاطئ مع مفردة ”العيب“، فهناك الكثير من الاعمال غير مشمولة بهذه الكلمة على الاطلاق، حيث عمدت المفاهيم الخاطئة في تكريسها في الوجدان الشعبي، مما جعلها جزء من المفاهيم المغلوطة التي تجد ”تقديسا“، واحتراما كبيرا، بحيث يصعب تجاوزها لدى العديد من الشرائح الاجتماعية، الامر الذي يفرض إعادة برمجة التفكير الاجتماعي، بما يعيد التوازن العقلاني، لمثل هذه المفاهيم ذات الأثر السلبي، على مسيرة التطور الاجتماعي.

يساعد ”الجهل“ في تكريس مفاهيم خاطئة في الثقافة الاجتماعية، حيث ينظر لبعض الاعمال بازدراء شديد، مما يجعلها مع مرور السنوات ضمن دائرة ”العيب“ الاجتماعي، بيد ان كسر هذه النظرة يكون باقتحام تلك الميادين، واحداث هزة اجتماعية قوية في التفكير العام، الامر الذي يساعد في اثارة الكثير من الأسئلة، ويضع الأمور في المسار الصحيح، مما ينعكس على إعادة التفكير في العديد من المفاهيم المغلوطة، بحيث تبدأ الأوضاع في التحول التدريجي، جراء انزواء الطابور الخفي بفعل الضغط الاجتماعي، وعدم القدرة على ممارسة سطوتها، في إبقاء الأمور تحت السيطرة.

إعادة مفاهيم القاعدة الشعبية، تجاه بعض المفاهيم المغلوطة، يساعد في تحريك المياه الراكدة في البيئة الاجتماعية، بحيث تبدأ تلك المياه بتنشيط ذاتها عبر التخليص من الروائح الكريهة، مما يساعد خلق واقع جديد يعتمد على القيم الدينية، والمفاهيم العقلية، عوضا من الاستناد على الثقافة الاجتماعية غير الواعية، وبالتالي فان هزيمة ”العيب“ تبدأ بالنظرة الناقدة، للعديد من الممارسات الاجتماعية، فهذه النظرة تمثل المدخل نحو المستقبل بخطى ثابتة، بعيدا عن ضغوط الطابور الخفي.

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 1
1
خادم القوم سيدهم
[ جزية تاروت ]: 25 / 1 / 2020م - 4:31 م
احسنت استاذي العزيز مقاله لذيذه(ولكن لمن تخط ولكن تقراء)لا يوجد في مدينة القطيف القياده او مجلس علماء او مجلس علماء ووجهاء ()إذاً من يقيد المجتمع القطيف (. )
كاتب صحفي