آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 4:00 م

بالقرآن الكريم تستقيم ألسنتُنا

ليلى الزاهر *

منذ أن نزل القرآن الكريم على الرسول الأعظم ﷺ وهو موضع بحث يتسابق العلماءُ في مضماره. فضلا عماتميّز به من إعجاز لغوي وبلاغي تصدّعت منه أركان مملكة قريش الفتيّة.

إن القرآن الكريم قوةٌ كبيرة اصطدم بها العرب ليس لتجريمهم الفكري والدّيني فحسب، إنما كان قوة جرفت سطوتهم البلاغية ومزّقت معلقاتهم التي عُلّقت فوق أستار الكعبة.

لقد ملأ العربُ الكون إنشادًا للشعر الفصيح، وكان لهم في كل محفل ومعركة ومناسبة قصائد تُرتجز وأخرى تُعارض في لحظتها. لكن القرآن أعجزهم وجعل أكابرهم يُصرّحون بنقدهم للقرآن الكريم نقدا ضعيفا يخجل منه كبيرهم وصغيرهم، وبعضهم مدح القرآن فأحسن من حيث لايعلم وظلّ حديثه شهادة يُسْتدل بها على إعجاز القرآن من أعدائه فكيف بأتباعه أشيرُ بذلك لقول الوليد بن مغيرة في شأن القرآن حين صرح مُذْعنًا:

«إنّ به لحلاوة وان عليه لطلاوة وان أعلاه لمثمر وان أسفله لمغدق وانه ليعلو ولا يعلى عليه»

ومازال القرآن الكريم يضعنا في دائرة الإعجاز بجماله وجلاله، نهرع إليه في مرضنا وتعبنا النفسيّ، في سلمنا وحروبنا مع بعضنا، وفي إثبات صحة القضايا اللغوية التي تصادفنا ليستقيم به نطقنا. وكلٌّ تحفّزهُ حاجته للقرآن الكريم ليفتحه ويرى ضالته وبشارته بين حروفه.

سوف أتناول بعض القضايا التي كانت موضع نقاش في بعض مواقع التواصل وكان القرآن الكريم عونًا لنا في شروحنا النحويّة

ومنها الآتي:

‏أيّهما أصح أخْوة أم إخْوة؟

‏قال الله تعالى:

«وَجاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَ هُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ» «يوسف: 58»

‏كما جاء في القرآن الكريم الإخوة تأتي لرباط النسب بالدم، الذين يكونون لأَب وأُم فهُم إِخْوَة، وهي جمع مفردها أخ من النسب

‏وقال تعالى:

‏ «إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَ اتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ»

«الحجرات: 10»

وهذا مافسره لسان العرب:

‏فإن كنت تقصد جمع الأخ، فإخوة..

‏وإن كنت تقصد الرابطة التي تربطهم ببعضهم، فأُخُوّة.

فنقول: تربط بينهم أُخُوّة لها شأْن أعظم من شأن الدم والنّسب.

أو لجماعة أصدقاء أو أحبّة يجمعنا بهم رباط معرفة ومحبة.

ويجوز: إخْوان، وأخْوان، وأخُون لمن جمعك وإياه صُلب أو بطن.

قال تعالى:

«وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً»

«سورة آل عمران: آية 103»

من الأفعال الشائعة الفعل «اعتبر» نقول في لغتنا الدّارجة:

اعتبرتُ فاطمة صديقةً

إذ يكون الفعل اعتبر بمثابة الأفعال الناصبة لمفعولين مثلها مثل ظن وأخواتها غير أنّ الفعل «اعتبر» في اللغة العربية

يأتي بمعنى: اتخذه عِبرة.

قال تعالى:

«فَاعْتَبِرُوا يا أُولِي الْأَبْصارِ» «الحشر: 2»

ومع جمال عربيتنا البسيطة تستعمله بمعنى «عدّ» فنقول:

عددتُ زيدا صديقًا. ‏

كثيرا ما يُشتبه وضع الياء في آخر الفعل المؤنث. مثل: اذهبي، ذهبتِ

فما الفرق بينهما؟

‏اذهبي: فعل أمر مبني وعلامة بنائه حذف النون لاتصاله بياء المخاطبة المؤنثة.

وياء المخاطبة: ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع الفاعل.

‏وقد جاء القرآن الكريم موضحا ذلك.

قال تعالى:

‏ «يا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَ اسْجُدِي وَ ارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ» «آل عمران: 43»

‏أما ذهبتِ: فعل ماضٍ مبني وعلامة بنائه السكون، لاتصاله بتاء الفاعل المتحركة.

فلا يجوز كتابتها «ذهبتي»

وتبعا لذلك لايجوز كتابة: «عليكي، أنتي، منكي...»

لذلك تلزم إضافة الياء في فعل الأمر فقط، نحو: «اذهبي».

مع العلم أنّ فعل الأمر يُبنى على حذف النون في حال اتصاله بواو الجماعة وألف الاثنين أيضا.
فضلا عن أحوال بنائه المتعددة كحذف حرف العلة والضم والسكون.

‏نسأل الله استقامة ألستنا بتلاوة القرآن الكريم وبذكر الله تعالى والبعد عن اللغو وخبث القول.