آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 10:36 م

«يا متعلمين يا بتوع المدارس»

رائدة السبع * صحيفة الرأي السعودي

في مسرحية مدرسة المشاغبين تسأل المعلمة مرسي الزناتي: تعرف إيه عن المنطق؟، وبسبب تكرارها للسؤال لا يجد غير القول: أعرف إن الواحد لما يضرب واحد على دماغه يوقع ما يحطش منطق.

مشهد كوميدي لكنني أظل أتساءل في كل مرة يمر علي هذا المشهد: هل التعليم الإلزامي بصورته المعاصرة هو المطلوب أم أننا مازلنا مانعرفش حاجة عن المنطق ولا عن التعليم؟ وهل التعليم بصورته الحالية يفي بالغرض؟.

هدف التعليم الحقيقي، يصفه «هنري لويس» هو خلق مواطن صالح من منظور السلطة الحاكمة، حسب معايير مدروسة ويذكرنا ذلك بما كانت تفعله «إسبرطة» عندما كان الأطفال يؤخذون عنوة من آبائهم للمدارس العسكرية لغرس الولاء، حاكم بروسيا الملك ويليام الأول الذي حكم من 1713 إلى 1740 اعتمد على التعليم الإجباري الذي أسسه عام 1717 للمحافظة على قوة جيشه، هذا النموذج التعليمي طرأت عليه تعديلات خلال القرن الثامن عشر مهدت لتطوير ما بات يعرف حاليا ب «factory model of schooling» وهو الصورة الحديثة للتعليم والتي نشأت في القرن السادس عشر، حيث كتب «مارتن لوثر» رسائل للقادة الألمان لمحاولة إقناعهم بفوائد التعليم الإجباري، ونصه: إن كان بإمكان الحكومة إجبار هؤلاء المواطنين على حمل الرماح والبنادق في أوقات الحرب، فمن باب أولى إجبارهم على إرسال أطفالهم للمدرسة، لأننا في حالة حرب مع الشيطان الذي يهدف لإنهاك مدننا وتدمير مبادئ رجالها.

أدرك «لوثر» أن استخدام سلطة الدولة مثمر لتلقين الناشئة تعاليم الكنيسة اللوثرية ونتيجة لمطالباته تكونت بذرة المدارس النظامية في ألمانيا.

لكن هذا ليس كل شيء، فهناك من العظماء لم يكونوا على وفاق مع أنظمة التعليم، فالفيلسوف الكرواتي إيفان إيلتش يصف المدرسة بأنها وكالة إعلان تجعلك تعتقد أنك تحتاج المجتمع كما هو دون تغيير.

من وجهة نظري غير المتواضعة، أرى أن المدارس مهمتها تعليم الطلاب فن العيش، وأن تجعلنا أفرادًا مستقلين بأرواحنا الأصيلة وتمنحنا القوة على مواجهة التحديات.

«آينشتاين» شبه تصرفات المعلمين بالضباط، إذ كان يريد أن يتعلم ما يحب معرفته، لكنهم كانوا يعلمونه من أجل الاختبار، وهذا يذكرني بسؤال ابنتي الجميلة «وجود»: ماما ليش ندرس التاريخ كله ناس ميتين؟.

أخيرًا، دعوة للمؤسسات التعليمية للبحث عن قدرات طلابنا ومحاولة صقلها وتقويتها، وليكن هدفها استخراج المفكرين والفنانين وأصحاب المنطق.