آخر تحديث: 23 / 4 / 2024م - 9:39 م

الفساد.. القاتل الصامت!

حسن المصطفى * صحيفة الرياض

على مدى سنوات، كانت الحكومات السعودية المتعاقبة، تضع ميزانيات مجزية للمشروعات التنموية المختلفة.

أرقام كبيرة ترصد في أكثر من قطاع، تجعل الجمهور يترقب نتائجها. إلا أن الذي يحدث، وللأسف، أن عدداً منها يتعثر، أو يسير بطيئاً جداً، دون أن يصل إلى نهاياته. فيما جزء من المشروعات لا تنفذ وقف الاشتراطات المنصوص عليها، ولذا، تعاني من تدني مستوى جودتها، وعدم صلاحيتها!

سوء الإدارة، واحد من أسباب هذا الخلل المستشري، إلا أن ”الفساد“ يعد الداء الأكثر فتكاً، والذي بسببه تم هدر الكثير من المال العام، وتراجع مستوى الخدمات، ما خلق حالة من الإحباط والاستياء لدى المواطنين.

مفاعيل الفساد لا تتوقف عند الأموال التي تسرق أو تهدر، وإنما الأخطر هو شبكة المنتفعين التي يكونها، والاقتصاد الموازي الذي يعتاش على مخالفة الأنظمة، وانتهاكها، وإحلال أعراف فردية وجماعية، متواطئ عليها بين الفاسدين، ترغم الآخرين على الانصياع لها، رغم عدم رغبتهم أن يكونوا جزءاً من منظومتها!

الإحباط بين الأفراد في المجتمع، من عدم تنفيذ المشروعات الحكومية على أفضل وجه، وتدني الخدمات، هذا الإحباط يقود إلى سخط، وتكوين رأي عام ضاغط. والسبب في ذلك ”الفساد“ الذي لا يهتم أصحابه لردود فعل الناس. لأن أقصى غاياتهم تحقيق مصالحهم الذاتية، وتكديس الأموال، وتمكين العائلة والمقربين من المناصب والامتيازات، دون وجه حق.

المواقف المشددة التي اتخذتها القيادة تجاه الفساد، ومحاربته، والحد منه، سواء لدى المنتفعين الكبار، أو حتى صغار الموظفين.. هذه المواقف الصارمة، أتت نتيجة إدراك القيادة الخطر الكبير الذي يمثله الفساد على بنية الدولة، وتقدمها، وكيف أن استشراء المحسوبيات والاختلاسات، يقود لانهيار مالي وإداري وقيمي وثقافي، على مدى سنوات، في حال لم يتم الحد منه، عبر القوانين الواضحة والشفافة والصارمة.

”هيئة الرقابة ومكافحة الفساد“، أشارت في بيان لها إلى أنها ”باشرت التحقيق الجنائي وسماع أقوال عدد 1294 شخصاً، وتم إيقاف عدد 386 شخصاً، لتوجيه الاتهام بحقهم في قضايا فساد مالي وإداري، تمثلت في جرائم رشوة، واختلاس وتبديد المال العام، واستغلال نفوذ وظيفي، وسوء استعمال إداري“.

هذه الإجراءات العملية، والإعلان عنها للرأي العام، سيكون لها أثر واضح في الحد من الفساد الإداري والمالي، وتجعل المديرين يراجعون أنفسهم عدة مرات، قبل أن يمارسوا أي فعل خارج عن القانون، يجعلهم يستغلون مناصبهم وفق معايير مناطقية أو قبلية أو مذهبية أو عائلية.

إن ”الفساد“ ليس اختلاس المال العام وحسب، بل حرمان المواطنين المؤهلين من العمل، أو منعهم حقوقهم، والتجني عليهم، ودفعهم إلى تقديم الرشى أو الكذب والتزوير، بسبب عدم قدرتهم على الوصول إلى حقوقهم. وهي الممارسات التي على هيئة ”نزاهة“ الالتفات لها، والعمل على وضع معايير واضحة لمحاسبة مرتكبيها.